عرض حول طرق الطعن في المادة الجنائية PDF
عرض حول طرق الطعن في المادة الجنائية PDF
مقدمة
يعرف الحكم بأنه المقرر الذي يصدر عن هيئة المحكمة بمناسبة عرض الدعوى عليها فاصلا في موضوعها بإنهائها، أو في أي مسألة ينبغي الفصل فيها قبل الفصل في موضوعها ، يتبين إذن بأن لفظ الحكم يقصد به المقررات التي تصدرها الهيآت القضائية للحكم، دون تلك التي تصدر عن قاضي التحقيق التي تسمى بلفظة خصوصة هي 《الأوامر》 .
وقد يترتب عن الحكم إما تقرير مراكز قانونية سابقة على الفصل في القضية، كإعلان براءة المتهم لكون نصوص القانون لا تعاقب على النشاط المتابع عنه، أو لكونه خضع لأحد أسباب الإباحة أو التبرير عند اتيانه إياه، وإما إنشاء مراكز قانونية جديدة عند إدانة المتهم باعتبار أن المحكمة عند إدانتها للمتهم لا تقرر فقط في حكمها مركزا قانونيا للمتهم سابقا على الإدانة، وإنما مركزا قانونيا جديدا توجه بإنزال العقوبة التي يقررها القانون في حق المدان وهذا هو المركز القانوني الجديد الذي صار للمتهم بالحكم
إن الأحكام تصدر على ثلاثة أنواع استنادا على ضوابط يتم اعتمادها مسبقا من أجل تحديد هذه الأنواع، فقد يصدر الحكم غيابيا أو حضويا أو بمثابة حضوري وفقا لمدة صدور الحكم في مواجهة المحكوم عليه من عدمه
إن تحديد نوع الحكم الجنائي له فوائد كثيرة من الناحية العملية ويتوقف عليه إلى حد كبير إعمال جملة من القواعد المسطرية، وخصوصا منها تلك المتعلقة بممارسة أوجه الطعن المختلفة التي يتيحها القانون لأطراف الدعوى من أجل طلب تصحيح الحكم الذي قد تعتبره ضارا بمصالحها، باعتبار أن الذي يصدر هذا الحكم بشر فقد لا يصيب في حكمه إما لاستخلاصه لقناعته من وقائع غير متماسكة أو لتطبيق نص قانوني عليها والحال أنه لا ينطبق عليها بسبب تأويله لها تأويلا يخالف إرادة المشرع واضع النص .
وتقوم الأهمية لفكرة الطعن في الأحكام على اعتبارات موضوعية، عملية وأخرى فلسفية ونفسية، فالاعتبارات الموضوعية ترتكز على احتمال خطأ القاضي في فهم أو تطبيق القانون، ولذلك لابد من إيجاد وسائل لإصلاح أخطاء القضاء، أما الاعتبارات النفسية فتتوجه إلى معالجة سلوك المحكوم عليه الذي لا يقبل الحكم الصادر ضده، إذ من النادر أن يرضخ المحكوم عليه ويرضى بالحكم، أما الاعتبارات الفلسفية فأساسها أن فتح المجال للطعن في الأحكام بالمراجعة والتعديل يمكن أن يحقق أكبر قدر من العدالة النسبية لا المطلقة.
و انطلاقا من هاته الأهمية تبرز اشكالية جوهرية مفادها كالتالي:
إلى أي حد تمكن المشرع المغربي من تنظيم أوجه طرق الطعن في المادة الجنائية بما يعزز ضمانات المحاكمة العادلة؟
انطلاقا من الأهمية أعلاه سنحاول قدر الإمكان معالجة طرق الطعن الجنائية سواء العادية أو غير العادية، وذلك وفقا للتصميم الآتي :
المبحث الأول: طرق الطعن العادية
المبحث الثاني : طرق الطعن غير العادية
المبحث الأول: طرق الطعن العادية
بعد صدور حكم أو قرار في خصومة جنائية فمن الطبيعي أن يشعر كل خصم في الدعوى التي تنتهي بحكم مشوب بالخطأ نتيجة اﻹعتداء غير المقصود على حق من الحقوق، لذلك نجد أن المشرع تحسب لهذه الفرضية، فخول لكل من يتظلم من حكم التظلم على هذا الحكم قصد تصحيح عيوبه. حيث أن من خصائص هذا التظلم خصوصا طرق الطعن العادية أنها تنشر الدعوى من جديد أمام نفس المحكمة أو المحكمة اﻷعلى وتؤدي إلى إيقاف تنفيد الحكم أو القرار ما لم ينص القانون على خلاف ذلك. فترفع القضية إلى محكمة أعلى يطلب منها تعديل الحكم أو القرار الصادر كلا أو بعضا أو يرفع القضية أمام نفس المحكمة يطلب منها التراجع عن الحكم الصادر في حقه غيابيا. فيسلك بذلك طرق الطعن العادية المتاحة له قانونا وهي التعرض و هو ما سنتناوله بالحديث في (المطلب الأول) على أن ننتقل للحديث عن الاستئناف في (المطلب الثاني).
المطلب الأول: التعرض
يعتبر التعرض طريقا من طرق الطعن العادية، يتم تقديمه ضد اﻷحكام الصادرة غيابيا، ومن خصائصه أنه يسمح بنظر القضية من جديد إن توفرت شروط ذلك أمام نفس المحكمة التي أصدرت الحكم المتعرض عليه وللتفصيل أكثر في هذا المطلب إرتأينا الوقوف عند أحكام التعرض (الفقرة الأولى) ثم آثار التعرض (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: أحكام التعرض
يحكم تقديم التعرض كطريق عادي من طرق الطعن مجموعة من اﻷحكام من أهمها مراعاة اﻷحكام القابلة للتعرض من غيرها، واحترام أجل تقديم التعرض، ثم اﻷخد بعين اﻹعتبار شكل التصريح بالتعرض، وعليه سنتناول في هذه الفقرة الأحكام القابلة للتعرض و من يحق له ذلك (أولا)، ثم شكل التعرض وآجاله (ثانيا).
أولا: الأحكام القابلة للتعرض
لقد نظم المشرع المغربي أحكام التعرض في المواد 393 و 394 و 395 من ق م ج .
والتعرض طريق عادي من طرق الطعن، يستطيع من خلاله المحكوم عليه بحكم غيابي عرض الدعوى من جديد أمام نفس المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه بالتعرض ويتضح من خلال ذلك أن التعرض بالرغم من كونه طريقا عاديا للطعن إلا انه قاصر على نوع من الأحكام وهي الأحكام الغيابية، والمشرع بنصه على إمكانية الطعن بالتعرض توخى تمكين الطاعن من عرض الدعوى على نفس الجهة بسبب ما قد يتوفر لدى الطاعن الذي تعذر عليه الحضور من حجج، وبالتالي بسط أوجه دفاعه أمام القضاء تحقيقا للعدالة[1].
والأحكام التي يجوز التعرض عليها هي الأحكام الغيابية التي تصدر في غيبة المتهم بعد استدعائه وإحجامه عن الحضور.
أما الأحكام الحضورية فهي لا تقبل الطعن بالتعرض وهي الأحكام التي تصدر بعد حضور المتهم الذي قدم دفاعه أمام هيئة الحكم، فهذه الأحكام تكون قابلة للطعن بالاستئناف مثلها مثل الأحكام التي تصدر بمثابة حضوري فهي أيضا لا تقبل الطعن بالتعرض وإنما تقبل الطعن بالاستئناف، غير أنه لا يكفي أن يصدر احكم غيابيا لممارسة التعرض فيه وإنما لابد من توفر شرطين اثنين حيث ينبغي أن يكون الحكم:
أولا: أن يكون الحكم صادرا في دعوى عمومية تتعلق بجنحة او مخالفة أما بخصوص الجنايات فهي تخضع لمسطرة خاصة لا تسمح بممارسة الطعن بالتعرض .
ثانيا: أن لا يكون الحكم الغيابي صادر عن محكمة لا يسمح القانون بالتعرض في أحكامها، وهذا على اعتبار أنه إذا كان حق التعرض في الأحكام الصادرة غيابيا في المخالفات والجنح جائزا مهما كان المرجع القضائي الذي يكون فصل غيابيا في الجنحة أو المخالفة، فإنه يلاحظ بالرجوع للمادة 13 من القانون المنظم لقضاء القرب[2]أنه يمنع ممارسة أي طعن عاديا أم استثنائي في الأحكام التي يصدرها هذا المرجع القضائي العادي، مما يترتب عنه أن كل الأحكام التي قد تصدر عنه بصورة غيابية في الجرائم التي يعود إليه الاختصاص بنظرها لا تقبل التعرض على الإطلاق[3].
وتجب الإشارة أنه وبقراءة المادة 394 من قانون المسطرة الجنائية يتبين أن الأطراف التي لها الحق في اللجوء للتعرض على الحكم الصادر غيابيا في حقها ينحصر في؛ المتهم؛ والمطالب بالحق المدني؛ والمسؤول عن الحقوق المدنية مع ملاحظة أن تعرض الطرفين الأخيرين ينحصر في الشق المدني من الحكم دون الشق الجنائي منه، خلافا للمتهم المحكوم عليه غيابيا الذي يجوز له التعرض على الحكم الغيابي في شقيه الجنائي والمدني معا.
ثانيا: شكل التصريح بالتعرض وأجاله
يخضع التعرض في لمقتضيات خاصة سواء من حيث شكل التصريح به أو من حيث الاجال.
1ـ شكل التصريح بالتعرض
يقدم الطعن بالتعرض على شكل تصريح يقدمه المحكوم عليه أو دفاعه لكتابة الضبط وذلك في ظرف العشرة أيام التي تلي التبليغ[4]، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن المشرع المغربي أحسن صنعا عند تأكيده على أن التصريح بالتعرض يمكن ان يكون أيضا من طرف محامي المحكوم عليه، وهذا من شأنه أن يؤكد عموما على المبادئ الأساسية لحقوق الدفاع.[5]
هذا وقد يحصل أن يرفض كاتب الضبط تلقي التصريح بالتعرض من المحكوم عليه غيابيا، أو من دفاعه لأي سبب من الأسباب وفي هذه الحالة أتاح المشرع في الفقرة الثالثة من المادة 393 من ق م ج رفع النزاع إلى رئيس المحكمة الذي ألزمه بواسطتها تطبيق مقتضيات الفقرات 2 و 3 و 4 من المادة 401 من قانون المسطرة الجنائية[6]
وقد أوجبت الفقرة الثانية من المادة 393 من قانون المسطرة الجنائية على المعني بالأمر، الذي يريد تسجيل تعرضه أن يدلي بما يفيد تبليغه بالحكم، لكن إذا تنازل عن هذا الحق. فإن كاتب الضبط يسلمه استدعاء جديدا في الحين وذلك وفق الكيفية المنصوص عليها في المادة 394 من ق م ج.
وتجدر الإشارة أنه بعد التعرض يسلم استدعاء جديد من طرف النيابة العامة لجميع الأطراف، وهذا ما أكده قرار صادر عن المجلس الأعلى الذي جاء فيه "...وحيث إن اعتماد المحكمة فيما قضت به من إلغاء التعرض على كونه لم يعثر عليه يشكل خرقا للفصل 374 من قانون المسطرة الجنائية الذي ينص على أنه بعد التعرض يسلم استدعاء جديد من طرف النيابة العامة لجميع الأطراف وما دام لم يثبت أن الطاعن قد توصل بالاستدعاء بعد التعرض فإن المحكمة بإلغاء التعرض تعتبر قد خرقت مقتضيات الفصل المشار إليه أعلاه وعرضت قرارها للنقض والإبطال..."[7]
2ـ أجال التعرض
عملا بالمادة 383من ق م ج، فإن أجل التعرض على الأوامر القضائية في الجنح هو 10 أيام من تبليغها. وهو نفس الآجال المتطلبة بالنسبة للأحكام الغيابية الصادرة عن المحاكم الابتدائية في الجنح والمخالفات وذلك استنادا للمادة 393 من قانون المسطرة الجنائية.
وفي هذا الصدد جاء في قرار لمحكمة الاستئناف بفاس " وحيث إنه بالنظر إلى قيام المتعرض بالاطلاع شخصيا على الحكم الغيابي يوم 13 أبريل 1979 ولم يبادر بتقديم تعرضه عليه إلا يوم 14 ماي 1979...فإنه تعرضه المقدم لدى هذه المحكمة يعتبر من الناحية القانونية واقعا خارج أجله القانوني المحدد في 10 أيام فقط"[8]
وبالرجوع للمادة 750 من ق م ج فإن اجال التعرض هي اجال كاملة لا يحتسب منها اليوم الأول ولا اليوم الأخير وإذا كان اليوم الأخير للأجل يوم عطلة امتد إلى اول يوم عمل بعده.
تعتبر ايام عطل جميع الأيام المصرح بانها كذلك بمقتضى نص خاص[9].
الفقرة الثانية: اثار التعرض
إن التصريح بالطعن بالتعرض على الحكم الغيابي له اثرين، الأول يتعلق بحضور المتعرض على الحكم الغيابي بعد استدعائه(أولا)، والثاني يتعلق بتخلف المتعرض عن الحضور بعد استدعائه (ثانيا).
أولا: حضور المتعرض على الحكم الغيابي بعد استدعائه
جاء في المادة 394 من ق م ج "يترتب عن التعرض المقدم من طرف المتهم بطلان الحكم الصادر عليه غيابيا في مقتضياته الصادرة بالإدانة .
لا يصح التعرض المقدم من الطرف المدني أومن الشخص المسؤول عن الحقوق المدنية إلا فيما يتعلق بحقوقهما المدنية.
وبذلك وعملا بالمادة 394 من ق.م.ج فإنه إذا قدم التعرض ممن هو مخول له في الميعاد بتصريح استوفى كل شكلياته وحضر المتعرض جلسة الحكم المعينة له في الاستدعاء بطل الحكم الغيابي المتعرض عليه.
إن بطلان الحكم الغيابي يعني اعتباره كأن لم يكن نهائيا، ولهذا يجب أن تعاد القضية إلى المناقشة عن طريق استدعاء جديد يوجه إلى جميع المترافعين الذين قد يضر التعرض بمصالحهم. وتناقش القضية من جديد كما لو كانت قد أحيلت على المحكمة لأول مرة في حدود الطعن المقدم[11].
ومن ناحية ثانية هل يعني بطلان الحكم الغيابي أن المحكمة لا تبقى مقيدة به إزاء طعن؟ أي هل يجب عليها ألا تمس في حكمها الجديد بحقوق المتعرض التي قد كان قد اكتسبها من الحكم الغيابي عملا بقاعدة عدم إضرار الطعن بالطاعن؟ أم إن لها أن تصدر الحكم وفق ما تستخلصه من مناقشات ولو أضر بالمتعرض؟ وفي هذا الصدد جاء في قرار صادر عن المجلس الأعلى:" وحيث إن المحكمة مصدرة القرار كان عليها إما أن تؤيد الحكم الغيابي المتعرض عليه، أو تلغيه لفائدة المتعرض، وأن برفعها للغرامة دونما بيان للأساس الذي اعتمد مع أن من المسلم به قانونا أنه لا يضار أحد بتعرضه أو استئنافه لم تجعل لما قضت به أساسا سليما من القانون...مما يجعله معرضا للنقض"[12].
ومن جهة أخرى نلاحظ أن بعض الأحكام الصادرة بعد التعرض يشار فيها لعبارة" حكمت المحكمة بتأييد الحكم الغيابي" والحال أن الحكم الغيابي بمجرد التعرض عليه والتصريح بقبول التعرض واستيفائه الشروط الشكلية والقانونية يصبح كأن لم يكن، فكيف يمكن للمحكمة أن تؤيد حكما باطلا.[13]
ثانيا: تخلف المتعرض عن الحضور بعد استدعائه
جاء في الفقرتين الأخيرتين من المادة 394 من قانون المسطرة الجنائية" في حالة التعرض يسلم استدعاء جديد لطرف المتعرض في الحين، ويستدعى باقي الأطراف لحضور الجلسة.
يلغى التعرض إن لم يحضر المتعرض في التاريخ المحدد في هذا الاستدعاء الجديد"[14]
بناء على المقتضيات السابقة فإن تخلف المتعرض عن الحضور بعد أن يكون قد تم استدعائه، يؤدي إلى إلغاء التعرض الذي يكون قد تقدم به مستوفيا لجميع شروطه، ليعتبر كأن لم يقدم أبدا، مما يترتب عنه امتناع المحكمة مصدرة الحكم الغيابي المتعرض عليه من تصحيحه مهما حمله من عيوب، بسبب زوال كل صلاحية قانونية لها في إصلاحه بتعديله، وقد يبدو القول السابق متضمنا لتناقض غير مبرر خصوصا إذا هي المحكمة المصدرة للحكم الغيابي لاحظت تضمنه فعلا، لأخطاء قد تكون فادحة وتجد الفرصة سانحة لتصلحها، فيقف تخلف المتعرض عن الحضور حائلا دون ذلك، ولكن هذا المنطق يتنازعه منطق أخر لا يقل عنه تأسيسا، اعتنقه المشرع في الفقرة ما قبل الأخيرة من المادة 394من ق م ج صراحة حين أوجب إلغاء التعرض إن هو تخلف المتعرض عن الحضور، وهو ما يشكل بما لا يدع مجالا للشك، منع المحكمة من العودة من جديد إلى بحث الموضوع الذي فصل فيه الحكم الغيابي ليبقى بذلك حاملا للأخطاء التي تكون قد شابته مالم يتأت تصحيحه في الاستئناف، إن هي كانت طريقة متاحة، وكان المشرع بموقفه الصارم هذا يجازي المتعرض الذي قدم التعرض لينضر في الحكم الغيابي من جديد، ومع ذلك تخلف وبدون أن يبدي عذرا تقبله المحكمة[15].
أما إذا قدم عذرا للتخلف عن الحضور فيخضع لتقدير المحكمة، وفي حالة قبوله تؤخر القضية إلى جلسة قادمة يستدعى إليها المتعرض من جديد[16].
ويجب الإشارة إلى أن الحضور الذي يحول دون إلغاء التعرض يتعلق بالمتعرض شخصيا، حيث جاء في قرار للمجلس الأعلى " تكون المحكمة محقة عندما قضت بإلغاء التعرض لعدم حضور المتعرض شخصيا، وإن حضر محاميه".[17]
المطلب الثاني: الطعن بالاستئناف
الاستئناف طريق من طرق الطعن العادية في الحكم، سواء كان هدا الحكم حضوريا أو غيابيا، إذ بمقتضى هذا الطعن يطلب الطاعن من المحكمة الأعلى درجة أي محكمة الاستئناف تصحيح ما سبق أن قضت به محكمة الدرجة الأولى في موضوع الدعوى العمومية أو الدعوى المدنية أو هما معا, وبهذا فالاستئناف يعتبر قدحا في الحكم الابتدائي الذي يرى فيه رافع الطعن به مساسا بمصالحه أثناء المرحلة الابتدائية, بسبب وقوع القاضي الابتدائي في الخطأ[18]، لدلك يتوجب علينا توضيح معالم الطعن بالاستئناف ودلك بالتطرق لنطاق الطعن بالاستئناف وإجراءاته (الفقرة الأولى)، على أن نتناول في ( الفقرة الثانية) أثار الطعن بالاستئناف وكدا الحكم فيه.
الفقرة الأولى:نطاق الطعن بالاستئناف وإجراءاته
يمكن تعريف الاستئناف بكونه تظلم من أخطاء القاضي المصدر للحكم المستأنف إلى قاضي أعلى درجة، يؤدي إلى إعادة مناقشة الدعوى من جديد من الناحيتين القانونية والموضوعية[19]، وهكذا فان الاستئناف يتم البت فيه من طرف محكمة أعلى درجة من الأولى، كما انه لا يمكن أن يكون من بين الهيئة التي تنظر فيه, القاضي الذي اصدر الحكم.
و قد خصه المشرع بمجموعة من الأحكام ودلك بتحديد نطاق الطعن بالاستئناف(أولا)، وكذلك الإجراءات التي يجب إتباعها من اجل سلوك هدا الطريق من الطعون(ثانيا)
أولا: نطاق الطعن بالاستئناف
لمعالجة نطاق الطعن بالاستئناف في مجال الأحكام الجنائية يجب التطرق للنطاق الاستئناف الموضوعي (أ) أي التفصيل في الأحكام التي يجوز استئنافها وتلك التي لا يجوز استئنافها، وكذلك النطاق الشخصي (ب) أي الأشخاص الذين خول لهم القانون الحق في سلوك هذا الطريق.
أ: النطاق الموضوعي للاستئناف
المبدأ العام هو جواز الطعن بالاستئناف ضد كل حكم في جناية أو جنحة أو مخالفة، يصدر عن أي محكمة تنظر فيها لأول مرة، ما لم يوجد استثناء يحد من هدا المبدأ العام، ويمكن أن يرد الاستئناف على:
المخالفات: بالرجوع إلى ما نصت عليه المادة 396[20]من قانون المسطرة الجنائية يتضح انه يمكن استئناف الأحكام الفاصلة في موضوع الدعوى العمومية الصادرة عن المحكمة الابتدائية إذا هي قضت بعقوبة سالبة للحرية.
الجنح: حيث نص على دلك المشرع في المادة 397[21]من القانون السالف الذكر، إذ انه يمكن استئناف الأحكام الفاصلة في موضوع الدعوى العمومية في الجنح كيف ما كان منطوقها, ويتبين ان المشرع لم يقيد الأحكام الجنحية بأي قيد، عكس أحكام المخالفات التي وجب أن تكون العقوبة سالبة للحرية.
الأحكام التي تصدرها المحكمة الابتدائية (بمناسبة نضرها في جنحة أو مخالفة) تنهي بها إجراءات الدعوى العمومية أمامها من دون أن تفصل في موضوعها, كما يمكن استئناف الأحكام التي تفصل في الصراح المؤقت التي تصدر عن هده المحاكم في القضايا الحنحية والتي تعتبر أحكاما مستقلة [22] ولو انها غير فاصلة في موضوع الدعوى, إذ أن الحكم في شأن الإفراج المؤقت هو حكم مستقل عن الحكم في الموضوع وليس بالتمهيدي او التحضيري إذ يمكن استئنافه بكيفية منفصلة عن الحكم الجنائي في الدعوى[23].
كما يمكن الطعن بالاستئناف في أوامر قاضي التحقيق على أن يقدم هذا الاستئناف من طرف النيابة العامة أو المتهم أو الطرف المدني وذلك كالتالي:
فقد أعطت المادة 222 للنيابة العامة الحق في استئناف كل أمر قضائي يصدره قاضي التحقيق، باستثناء الأوامر الصادرة بإجراء خبرة، في صيغة تصريح يقدم إلى كتابة الضبط في اليوم الموالي لإشعاره بصدور الأمر. و يبقى المتهم معتقلا إلى حين البت في هذا الاستئناف، أو مرور اجل الاستئناف ما لم توافق على الإفراج. وقد كانت المادتان 204 و205 تميزان بين وكيل الملك وبين الوكيل العام في أجل الاستئناف وفي آثره كذلك بالنسبة لقرارات الإفراج المؤقت.
أما المادة 223 فلم تعط للمتهم إلا الحق في استئناف الأوامر المنصوص عليها في المواد الواردة على سبيل الحصر في المادة المذكورة . واجل استئنافه هو ثلاثة أيام الموالية ليوم التبليغ، في شكل تصريح لدى كتابة ضبط المحكمة التي يوجد بها مقر قاضي التحقيق.
فقد أعطت المادة 222 للنيابة العامة الحق في استئناف كل أمر قضائي يصدره قاضي التحقيق، باستثناء الأوامر الصادرة بإجراء خبرة، في صيغة تصريح يقدم إلى كتابة الضبط في اليوم الموالي لإشعاره بصدور الأمر. و يبقى المتهم معتقلا إلى حين البت في هذا الاستئناف، أو مرور اجل الاستئناف ما لم توافق على الإفراج. وقد كانت المادتان 204 و205 تميزان بين وكيل الملك وبين الوكيل العام في أجل الاستئناف وفي آثره كذلك بالنسبة لقرارات الإفراج المؤقت.
أما المادة 223 فلم تعط للمتهم إلا الحق في استئناف الأوامر المنصوص عليها في المواد الواردة على سبيل الحصر في المادة المذكورة . واجل استئنافه هو ثلاثة أيام الموالية ليوم التبليغ، في شكل تصريح لدى كتابة ضبط المحكمة التي يوجد بها مقر قاضي التحقيق.
و نظرا لخصوصيات شريحة الأحداث داخل المجتمع فقد خص لها المشرع قضاء مختص للنظر في الأفعال المنسوبة إليهم، وبالتالي فإنه لا يمكن استئناف الأحكام الصادرة عن غرفة الأحداث بالمحكمة الابتدائية أو عن قاضي الأحداث إلا أمام غرفة الجنح الاستئنافية من طرف الحدث او نائبه او وكيل الملك[24]، اما الجنايات التي تنظر فيها غرفة الجنايات للأحداث التي تبت فيها في جلسة سرية، فيمكن سلوك الاستئناف في قراراتها أمام غرفة الجنايات الاستئنافية للأحداث[25].
أما في ما يخص الجنايات و الجنح المرتكبة من طرف الأشخاص المنصوص عليهم في الفقرة الأولى من المادة 265[26] من هدا القانون، والتي تبت فيها الغرفة الجنائية بمحكمة النقض، وتستأنف قرارات هده الأخيرةأمام غرف محكمة النقض مجتمعة ما عدا غرفة الجنايات الباتة في القضية, هذا ما نصت عليه الفقرة ما قبل الأخيرة من المادة السالفة الذكر.
أما الأحكام التي لا يجوز استئنافها هي كالتالي:
v الأوامر القضائية الصادرة وفقا للمادة 381 من ق م ج المقررة لإدانة عن مخالفة بعد تعبير المبلغ إليه السند التنفيذي الصادر من النيابة العامة برفضه لأداء.
v الأحكام الآمرة عن محاكم القرب فيما تكون مختصة بنظره من الجرائم الواردة في المواد 15و 16و 17 و18 من القانون رقم 10-42[27]المنشئ لها.
v الأحكام الصادرة عن المحكمة الابتدائية في المخالفات بعقوبة غير سالبة للحرية ودلك بمفهوم المخالفة للفقرة الثالثة من المادة 396[28]من ق م ج
v الأحكام المتعلقة بمخالفات المركبة أثناء الجلسات حتى وان كانت المحكمة المصدرة لحكم محكمة ابتدائية.
ب: النطاق الشخصي لاستئناف
لكل خصم الحق في الاستئناف بصفة مستقلة عن باقي الخصوم، ذلك أن الحق يبنى على أساس الصفة و المصلحة التي تتوقف على تقدير شخصي للمستأنف، ولذلك يمكن افتراض أن يكون استئناف أحد الخصم جائز واستئناف الأخر غير جائز، ومرد ذلك توافر الشروط بالنسبة للأول وعدم توافرها بالنسبة للتاني، والأطراف التي يخول لها الاستئناف أتى على ذكرها المشرع في قانون المسطرة الجنائية فحصرها في:
Ø المتهم: حيث انه يمكنه استئناف الحكم في شقيه الجنائي أو المدني أو هما معا, بحسب ما يبدو صالحا له [29]، حيت جاء في قرار للمجلس الأعلى-محكمة النقض-أن استئناف الضنين ضد حكم صادر عن جنحة تأديبية يجب أن يرفع منه شخصيا آو بواسطة محاميه وان وكلاء الشرعيين ليست لهم صفة المحامين لدى محاكم الزجرية كما ان قانونهم الأساسي لم يرخص لهم برفع الاستئناف نيابة ضد الحكم الصادر عن إحدى المحاكم, و لهدا يكون قضاة الاستئناف قد خرقوا القانون بعدم تثبتهم من صفة المستأنف عن الإضناء قبل التصريح بقبول الاستئناف[30].
Ø النيابة العامة: يحق للنيابة العامة استئناف الشق الجزائي من الأحكام حتى وان حاء الحكم مطابقا لملتمساتها ومهما كان موضوع الحكم, دون الشق المدني الذي لا يحق لها ابدأ استئنافه،[31]
Ø المطالب بالحق مدني:واستئناف المدعي المدني يقتص على الدعوى المدنية والحكم الصادر بشأنها فقط، فالمدعي المدني لا يجوز له أن يطعن بالاستئناف إذ لم يدعي مدنيا أمام محكمة الدرجة الأولى، لأن الطعن بالاستئناف لا يجوز لمن لم يكن خصما أمام محكمة الدرجة الأولى.
Ø المسئول عن الحقوق المدنية: و هو الشخص الذي ادخل في الدعوى او تدخل أتناء المحاكمة في طورها الابتدائي، ويمكن له الطعن بالاستئناف في الحكم ودلك في شقه المتعلق بأداء التعويض عن المتهم فقط دون الشق الجزائي.
Ø الإدارات العمومية في الحالات التي يسمح لها القانون بإقامة الدعوى العمومية.
ولئن كان المشرع قد قيد الأشخاص الدين لهم الحق في سلوك طريق الاستئناف، فانه نهج نفس المنوال في ما يخص الإجراءات الواجب إتباعها.
ثانيا: إجراءات الطعن بالاستئناف وأجاله
لقبول الطعن بطريق الاستئناف يستلزم المشرع مواعيد و إجراءات يجب مراعاتها سواء تعلق هذا الطعن بالأحكام، أو بالأوامر الصادرة عن قاضي التحقيق، لدلك سنتطرق لإجراءات الواجب إتباعها(أ)، وكذلك الأجل القانوني لهذا الاستئناف(ب)
أ : إجراءات الطعن بالاستئناف
لقد حدد المشرع وجوبا وبصفة آمرة الإجراء الذي يرفع به الاستئناف فأي إجراء لا يقوم مقامه و لو عبر صراحة عن إرادة الاستئناف، فيعتبر في حكم العدم ولا يؤدي إلى دخول الاستئناف في ولاية المحكمة الاستئنافية، ويعتبر غير مقبول الاستئناف المرفوع بغير هذا الطريق. وتنحصر إجراءات الاستئناف في ما يلي:
· تقديم التصريح بالاستئناف:
يرفع الاستئناف في شكل التصريح يدلي به لدى كتابة الضبط بالمحكمة التي أصدرت الحكم, أو لدى كتابة الضبط لمحكمة الاستئناف, و تعتبر هده الشكلية متطلبة الاستيفاء, حيث جاء في قرار لمجلس الأعلى–محكمة النقض- ان محضر التصريح بطلب الاستئناف يعد من الأوراق الرسمية التي تكون حجة بما وزد فيها سواء فيما يخص صفة المصرح او تاريخ التصريح ومكانه وشكله، حيث يتعرض للبطلان الحكم القاضي بقبول طلب الاستئناف في حين ان المحكمة المصدرة له لم تتثبت من وجود الطعن وصحته [32]، ولا يستعاض عن هده الشكلية بغيرها سواء في المخالفات او الجنح طبقا للمواد 396-397-399 من قانون المسطرة الجنائية، او الجنايات طبقا للفصل 461 من نفس القانون.
كما انها متطلبة مهما كان الفريق الذي يتقدم بالاستئناف, وخصوصا النيابة العامة التي يرى البعض[33] إعفاءها من هذا الإجراء وهو ما لا يراه القضاء، حيت جاء في قرار للمجلس الأعلى[34] رفض استئناف النيابة العامة ان هي لم تتقدم بتصريحها بطلب الاستئناف لدى كتابة الضبط شانها في دلك سان باقي الأطراف.
· تبليغ الاستئناف الوكيل العام للملك:
بالرجوع إلى الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 402, فان استئناف الوكيل العام للملك لا يكون صحيحا, وان وقع التصريح به وفق الشكلية المنصوص عليها سابقا, وداخل اجل 60 يوما من صدور الحكم المطلوب استئنافه إن لم يقع تبليغه إلى المتهم, والى المسؤول عن الحقوق المدنية عند الاقتضاء, بسبب ما قد يترتب عن عدم التبليغ من مساس بحقوق الدفاع الذي قد يحرمان من ممارسته على أكمل وجه, وجاء في قرار لمجلس الأعلى 05-07_2004 انه" اذا لم يبلغ استئناف الوكيل العام إلى المتهم, كان هدا الاستئناف اضر بمصالح المتهم فان الحكم يكون قد خرق مقتضيات المادة السابقة وبالتالي يتعرض لنقض"[35].
ب: أجال الاستئناف
حددت المادة 400 اجل الاستئناف في عشرة أيام تبتدئ من تاريخ النطق بالحكم اذا كانت المناقشات حضورية, وصدر بحضور الطرف أو من يمثله أو تم إشعار احدهما بيوم النطق
بالحكم.
و في غير الحالات السابقة فان الأجل يبتدئ من يوم تبليغ الشخص نفسه أو في موطنه، و هده الحالات هي:
_ إذا لم يكن الطرف حاضرا أو ممثلا بالجلسة التي صدر فيها الحكم بعد مناقشات حضورية ولم يسبق إشعاره شخصيا هو او من يمثله بيوم النطق به.
_ إذا كان الحكم بمثابة حضوري حسب ما نصت عليه المادة 314 من ق م ج، و في هدا الصدد، نستشهد بقرار للمجلس الأعلى الصادر بتاريخ 15-07- 1997 والدي يقضي بان " الطاعنة لم تعلم بالتاريخ الذي حدد للنطق بالحكم, وهو ما يجعل الحكم بمثابة حضوري ويسري اجل استئنافه من اليوم الموالي ليوم التبليغ, فان الحكم القاضي بعدم قبول الاستئناف يكون قد خرق قاعدة جوهرية وتعرض للنقض والإبطال" [36].
_إذا صدر الحكم غيابيا حسب الفقرة الأخيرة من المادة السابقة
ونصت المادة 400 على اجل إضافي مدته خمسة أيام ليقدم الأطراف, الدين لهم حق الاستئناف، استئنافهم اذا استأنف احدهم داخل الأجل ، باستثناء الوكيل العام فهو لا يستفيد من هدا الأجل.
الفقرة الثانية: اثارالطعن بالاستئناف والحكم فيه
بعد التصريح بالطعن بالاستئناف من الخصم المخول له ذلك في الحكم يترتب عن ذلك أثران، أولهما إيقاف التنفيذ الحكم محل الاستئناف أو ما يصطلح عليه بالأثر الموقف للاستئناف، والثاني هو طرح الملف على جهة الاستئناف من جديد، أو ما يصطلح عليه الأثر الناقل للاستئناف، وبعد التصريح بالاستئناف تمر خصومة الاستئناف بعدة إجراءات تنتهي بقرار يصدر عن جهة الاستئناف وفاصل فيه، لذلك سنتطرق في هده الفقرة إلى آثار الطعن في الاستئناف (أولا)، والحكم فيه (ثانيا)
أولا: أثار الطعن بالاستئناف
يعد تحويل ملف الدعوى إلى جهة الاستئناف وذلك بعد التصريح به, أول حلقة لنظر هذا الأخير بعد رفعه أمام محكمة الدرجة الأولى، وبمجرد تقييد الاستئناف يكون له أثران الأول هو إيقاف تنفيذ الحكم الجزائي محل الاستئناف، ثم يليه بعد ذلك نقل أو طرح ملف الدعوى إلى الجهة الاستئنافية، لدلك سنفصل في كل من الأثر الناقل(ب) و كذلك الأثر الموقف للاستئناف(أ).
أ_ الأثر الموقف لاستئناف: ويقصد به وقف تنفيذ الحكم الابتدائي المطعون فيه ودلك بنص القانون اد يوقف التنفيذ أثناء الأجل المقرر للاستئناف وأثناء النظر فيه إذا تم داخل الأجل القانوني.
إن المبدأ العام أن الطعن بطريق الاستئناف يوقف تنفيذ الحكم، وميعاد الاستئناف في حد ذاته يوقف تنفيذ الحكم أثناء سريانه، وإذا حصل الطعن في الحكم بطريق الاستئناف يضل وقف التنفيذ ساريا حتى يفصل فيه، و لقد نص المشرع على هذا المبدأ في المادة 597 من ق م ج, والتي نصت على انه " تقوم النيابة العامة والطرف المدني، كل فيما يخصه، بتتبع تنفيذ المقرر الصادر بالإدانة حسب الشروط المنصوص عليها في هذا القسم.
يقع التنفيذ بطلب من النيابة العامة عندما يصبح المقرر غير قابل لأي طريقة من طرق الطعن العادية، أو لطعن بالنقض لمصلحة الأطراف
يحق لوكيل الملك أو الوكيل العام للملك أن يسخر القوة العمومية لهذه الغاية."
المبدأ الذي جاءت به هده المادة هو مبدأ عام و الذي بمقتضاه يمتنع تنفيذ أي مقرر صادر عن القضاء قبل اكتسابه لقوة الشيء المحكوم فيه, بان أصبح هدا المقرر غير قابل لأي وجه من وجوه الطعن العادية, او الطعن لفائدة الأطراف, وبما ان الاستئناف يشكل وجها من وجوه الطعن العادية فان صدور أي حكم من الأحكام يكون قابلا لاستئناف يوقف تنفيذه خلال الأجل المخول لممارسته, أما ان هو مورس هدا الطريق فعلا, توقف تنفيذه كذلك الذي تفصل محكمة الدرجة الثانية فيه.[37]
والعلة أو الحكمة من إقرار مبدأ وقف تنفيذ الحكم المستأنف كمبدأ عام، تكمن في أنه قد يترتب على تنفيذه أضرار يصعب تداركها أو إصلاحها اذا ألغي أو عدل الحكم محل الاستئناف.
والعدالة تقتضي إرجاء مباشرة تنفيذ الحكم المستأنف إلى ما بعد الفصل في الطعن بالاستئناف حتى لا يضار المحكوم عليه جراء مباشرة التنفيذ، وإذا كان الطعن بطريق الاستئناف مبنيا على أساس فكرة الخطأ المحتمل في تطبيق القانون، فالمنطق المتسق مع روح العدالة يقتضي أنه لا يظل المحكوم عليه رهينة حكم قد يلغى على مستوى قضاء الاستئناف، ومن ثم من الضروري وقف تنفيذ الحكم الصادر عن قضاء الدرجة الأولى حتى يتحول إلى حكم نهائي.
والملاحظ ان هذا الأثر الموقف للاستئناف في الأحكام الجنحية والضبطية قد تكرس بمبدأ عام، ولا يحد منه إلا مقتضيات المادة 392[38]من قانون م ج، حيث يتبين انه إذا ارتأت المحكمة تعجيل تنفيذ العقوبة في هده الحالة, فإنها تصدر حكما بالإدانة تقرر فيه عقوبة الحبس للمدة التي حددها النص, تكون النيابة العامة هي التي التمست الإيداع في السجن أو إلقاء القبض وليس المحكمة من ذاتها.[39] حيث انه ادا قررت المحكمة تطبيق الفصل 392 في حق المتهم, وجب عليها ان تصدر قرارا خاصا بدلك معللا بالسباب, وإلا تكون قد خرقت الفصل المذكور وعرضت قرارها لنقض[40].
الأثر الناقل لاستئناف: يترتب على الطعن بطريق الاستئناف في مجال الأحكام الجزائية إعادة طرح الدعوى العمومية والمدنية إن وجدت على محكمة الاستئناف لكي تنظرها من جديد من حيث الوقائع أو القانون لتفصل بحكم في الموضوع، وهذا هو أهم أثر للاستئناف، ومؤدى ذلك أن الحكم الذي أصدرته محكمة الدرجة الأولى لم ينل رضاء المستأنف، وبالتالي فهو يبتغي من خلال رفعه للاستئناف أن تنظر دعواه من جديد للوصول إلى حكم يتوافق مع مصلحته وذلك بعد تعديل الحكم الابتدائي محل الاستئناف.
والمبدأ العام أنه يترتب على الطعن بالاستئناف إعادة طرح الدعوى بنفس نطاقها الذي نظرت به أمام المحكمة الابتدائية، وذلك بما يحمله هذا النطاق من عناصر واقعية وقانونية، فكل ما تملكه محكمة الدرجة الأولى تستطيع كذلك محكمة الاستئناف التصدي به .
والأثر الناقل لاستئناف هو من أهم الآثار الناتجة عن الطعن بالاستئناف على الإطلاق, لان صاحبه يريد بواسطته استصدار حكم جديد من محكمة الدرجة الثانية يكون لمصلحته, باعتبار ان الحكم الابتدائي لم يكن في نظره مصادفا للواقع, أو للقانون أو لهما معا.[41]
وتجدر الإشارة إلى أن طرح الدعوى على محكمة الدرجة الثانية يجعل هده الأخيرة محكمة موضوع في حدود ما كان من سلطة لمحكمة الدرجة الأولى يصددها, وهدا يعني ان محكمة الاستئناف لا يجوز لا لها تخطي لا الحدود الشخصية ولا العينية للدعوى, التي تكون عرضت بها امام محكمة الدرجة الأولى.[42]
ثانيا : الفصل في الطعن بالاستئناف
إن فحص الشكل ومدى الاختصاص ثم النظر في الموضوع هي الخطوات التي يمربها فصل جهة الطعن بطريق الاستئناف، وذلك بعدمباشرة حق الطعن من أحد الخصوم في الدعوى, إن أول ما تلتزم به جهة الاستئناف هو البحث في قبول الاستئناف شكلا، فإذا تعين لها أن أحد شروطه غير قائم، فإنه اتحكم بعدم قبوله أما إذا توافرت الشروط الشكلية، فإن جهة الاستئناف تبحث في مدى اختصاصها في نظر الاستئناف، وهذا الاختصاص مرتبط بمدى اختصاص محكمة الدرجة الأولى، فإذا توصلت إلى أنها غير مختصة فإنها تحكم بعدم الاختصاص، أما إذا أثبتت اختصاصها فتنظر في موضوع الدعوى وتعيد الفصل فيه، وعليه لها الحق أن تأيد الحكم الابتدائي أو تعدله أو تلغيه، ومن ثم فإن محكمة الاستئناف تصدر حكم لا يخرج عن الحالات التالية:
* القضاء بعدم قبول الاستئناف شكلا، القضاء بعدم الاختصاص، والقضاء في الموضوع والحكم بإرجاع القضية إلى محكمة الدرجة أولى ولذلك سنتطرق لكل حالة على حدة.
ü الحكم بعدم قبول الاستئناف شكلا: فرض القانون شروطا لجواز قبول الاستئناف شكلا, ان هو غاب احدهما امتنع قبوله ويرفض الاستئناف شكلا في الحالات التالية، عدم توفر صفة و مصلحة الطاعن بالاستئناف، عدم احترام آجال و مواعيد الطعن بالاستئناف المقررة قانونا و مخالفة القواعد المتعلقة بالتقرير بالاستئناف.
و يفرق الفقه والقضاء بين عدم قبول الاستئناف، و الإقرار بعدم جواز الاستئناف، فيرجع عدم قبول الاستئناف إلى تخلف شرط من شروط الخاصة بصفة الطاعن أو مصلحته أو ميعاد الطعن أو التقرير بالطعن، أما الإقرار بعدم جواز الاستئناف فيكون في حالة تخلف أحد الشروط الخاصة بموضوع الطعن، أي الأحكام الجائز استئنافها، والحقيقة أن عدم الجواز يندرج ويدخل في دائرة عدم القبول، وليس هناك أي أثار قانونية تدخل في التفرقة بين عدم الجواز وعدم القبول، كما أنه ليس هناك فرق بين عدم قبول الاستئناف شكلا وبين الحكم برفض الاستئناف شكلا ، فهذا اختلاف فقهي أكثر من هو قضائي وليس هناك آثار للتفرقة بينها، فإن اختلف اللفظ إلا إنهما يؤديان نفس المعنى القانون.[43]
وان اتضح للمحكمة قيام احد الأسباب التي توجب الحكم بعدم قبول الاستئناف شكلا,، فإنها لا تنتقل بعد دلك إلى الموضوع.
ü الحكم بعدم الاختصاص : بعد تفحص محكمة الدرجة الثانية للتصريح بالاستئناف و التأكد من كون شروط قبوله متوافرة , تنتقل لمرحلة أخرى مستمدة من التنظيم القضائي الذي يفرض حدودا لولاية المحاكم في نظر الدعاوى المختلفة، ونعني به تأكدها مما اذا كانت مختصة بالبت في الاستئناف ام ليست كذلك.[44]
ü الحكم في الموضوع : إذا رفع الاستئناف في الحكم الجزائي أمام الجهة المختصة فإنها تقضي إما بتأييد الحكم المستأنف أو بإلغائه أو تعديله أو تتصدى للموضوع عند الاقتضاء.
وبالرجوع الى النصوص المنضمة لصلاحية محكمة الدرجة الثانية التي تفصل في الاستئناف، يمكن القول بان المبدأ الذي تقرره هو ضرورة تقيد محكمة الدرجة الثانية أو غرف محكمة النقض مجتمعة باستثناء الغرفة الجنائية، الناظرة في الاستئناف بمصلحة رافع الاستئناف, بحيث يتعين الحفاظ له في الأقل بالوضعية التي تقررت في الحكم الابتدائي محل الطعن, حيث نجد أن المجلس الأعلى–محكمة النقض- كرست دلك في قرار عدد3268 " في حالة ما إذا كان المتهم هو المستأنف وحده لا يجوز لمحكمة الاستئناف إلا أن تصحح الحكم الابتدائي او تلغيه لفائدة المستأنف"[45]
الحكم بإرجاع الدعوى إلى المحكمة الابتدائية: يمكن للمحكمة التي استأنف الحكم أمامها أن تحكم بإرجاع الحكم المستأنف إلى المحكمة الابتدائية إذا تبين لها انه لا يثبت لها قانونا حق النظر في الحكم كدرجة ثانية وإنما المحكمة الابتدائية هي التي يثبت لها دلك.
المبحث الثاني : طرق الطعن غير العادية
إن الهدف من إقرار القانون لأوجه الطعن المختلفة في الأحكام هو رغبته في تطهيرها ما أمكن من مشائب الأخطاء التي قد تكون لحقتها سواء عند تقدير المحكمة للوقائع المعروضة عليها، أو عند تطبيقها للقانون. فالأصل أن يكون الحكم الذي تصدره المحكمة الزجرية هو خلاصة عملية للمحاكمة الغنية بالضمانات و عنوان الحقيقة التي لا ينبغي لأحد أن يناقش في مصداقيتها، و لكن ما دام الذي يصدر هذا الحكم بشر، فالبشر قد يصيب أو يخطئ في حكمه. و بهذا فالمشرع أتاح لأطراف الدعوى في حالة صدور حكم أو قرار نهائي، رفع القضية أمام محكمة النقض بإعتبارها أعلى محكمة إذا تبين لها خرق للقانون أو أن القرار صدر بناء وثائق مزورة أو لتدارك خطأ في الوقائع، و قد فتح المشرع هذا المجال بعد إستنفاذ اللجوء إلى طرق الطعن العادية. و تسمى هذه الوسائل طرق الطعن غير العادية و التي ستناول فيها الحديث عن الطعن بالنقض في ( المطلب الأول)، على أن نخصص (المطلب الثاني) للحديث عن المراجعة و إعادة النظر.
المطلب الأول : الطعن بالنقض
يقصد بنظام النقض في التنظيم القضائي مراقبة القاضي في تطبيقه للقانون على القضايا المعروضة عليه، فقاضي الموضوع عندما تقدم إليه الدعوى يتأكد من حقيقة وقائعها و ثبوتها من نسبتها إلى المتهم ثم يكيفها و يطبق عليها النص القانوني المتعلق بها في الحكم الذي يصدره، و هو يقوم بكل ذلك وفق الإجراءات التي تنظمها المسطرة الجنائية للتحقيق النهائي و إصدار الأحكام، و قاضي النقض يراقب سلامة التكييف القانوني للوقائع و التطبيق السليم لنصوص القانون الموضوعية و لإجراءات المحاكمة.[46] و عليه سنحاول معالجة هذا المطلب من خلال الوقوف عند الحق في الطعن بالنقض في ( الفقرة الأولى)، و كذا أوجه الطعن بالنقض ( الفقرة الثانية)، بالإضافة إلى الحديث عن الشروط الشكلية للطعن بالنقض في (الفقرة الثالثة)، و أخيرا الوقوف عند أثار الطعن بالنقض (الفقرة الرابعة).
الفقرة الأولى : الحق في الطعن بالنقض في القرارات الجنائية
إن فكرة الطعن جاءت للتوفيق بين اعتبار الثبات و الاستقرار من جهة و إزالة الخطأ جهة أخرى، و بذلك تعتبر طرق الطعن من الوسائل القضائية الاختيارية التي ينظمها القانون لمصلحة المحكوم عليه إذا أراد هذا الاعتراض على الحكم الصادر ضده بقصد إلغائه أو تعديله أو إزالة آثاره و يعتبر الطعن بالنقض طريق من طرق الطعن الغير العادية و الذي يسمح فيه بالأصل في كل الأحكام و القرارات و الأوامر القضائية النهائية الصادرة في الجوهر ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، و بهذا سنحاول معالجة هاته الفقرة من خلال الوقوف على الأحكام القابلة للطعن بالنقض و الأحكام غير القابلة له ( أولا )، في حين سنتوقف بعدها عند الأشخاص المؤهلون للطعن بالنقض ( ثانيا ).
أولا : الأحكام القابلة للطعن بالنقض و الأحكام غير القابلة له
سنحاول من خلا دراسة هذا الجزء الوقوف عند إمكانية الطعن بالنقض في الأحكام و المقررات النهائية كمبدأ عام ، كما سنتطرق لمختلف الأحكام و القرارات الغير القابلة للطعن بالنقض.
أ- الأحكام القابلة للطعن بالنقض
تنص المادة 521 من ق م ج على أنه " يمكن الطعن بالنقض في كل الأحكام و القرارات و الأوامر القضائية النهائية الصادرة في الجوهر، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك" و جاء في الفقرة الثانية من نفس المادة أن المسطرة إذا شملت عدة أطراف و تغيب بعضهم، فإن الطرف الذي صدر في حقه مقرر نهائي يمكنه أن يطعن فيه بالنقض داخل الأجل القانوني و يبقى من حق الطرف الآخر الذي صدر المقرر في حقه غيابيا، أن يطعن فيه هو الآخر عندما يصبح نهائيا في حقه، و من بين هذه الأحكام هناك الأحكام الصادرة عن المحاكم الاستئنافية بالدرجة الأولى و الإنتهائية و الأحكام التي تصدرها محاكم الإستئناف تطبيقا لنصوص خاصة مثل الأحكام المتعلقة بالطعون ضد قرارات نقابات المحامين التأديبية، ثم الأحكام الصادرة ابتدائيا و انتهائيا من المحاكم الإبتدائية.
و بهذا يكون المشرع قد وضع حدا لما كانت تطرحه مسألة الطعن بالنقض في الأحكام الغيابية من اشكالات أنام المجلس الأعلى -محكمة النقض حاليا- حيث دأبت قراراتها على عدم قبول الطعن بالنقض في الأحكام الغيابية استنادا إلى كون تلك الأحكام لا زالت قابلة للطعن بالطرق العادية.
ب : الأحكام الغير القابلة للطعن بالنقض
إذا كان المبدأ هو قبول الطعن بالنقض في جميع الأحكام و القرارات و الأوامر النهائية الصادرة في الجوهر، فإنه لا يستثنى إلا ما ورد به نص خاص يقضي بمنع الطعن بالنقض فيه و عليه فإن الأحكام و القرارات التي لا تقبل الطعن بالنقض تتمثل في ما يلي:
1- الأحكام القاضية بعدم المتابعة، إذ لا يمكن للطرف المدني أن يطلب النقض فيها إلا إذا نص القرار على عدم قبول تدخله في الدعوى، أو إذا أغفل البت في تهمة ما، و ذلك طبقا لنص المادة 525 من ق م ج.
2- الأحكام الصادرة عن أقسام قضاء القرب طبقا للمادة 20 من الظهير المنظم لها.
3-المقررات الاعدادية أو التمهيدية أو الصادرة بشأن نزاع عارض أو دفع، و التي لا تقبل الطعن بالنقض إلا في ان واحد مع الطعن بالنقض في المقرر النهائي الصادر في الجوهر، و يسري نفس الحكم على المقررات الصادرة بشأن الإختصاص ما عدا الإختصاص النوعي شريطة إثارته قبل كل دفاع في الجوهر[47].
4- قرارات الإحالة إلى محكمة زجرية و التي لا تقبل طلب النقض إلا مع الحكم في الجوهر مع مراعاة مقتضيات المادة 227 من ق م ج ، و هو التوجه الذي سلكه المجلس الأعلى سابقا حينما قضى بعدم قبول الطعن بالنقض في قرار للغرفة الجنحية بمحكمة الاستئتاف بالرباط أيدت فيه أمرا بالإحالة من طرف قاضي التحقيق العسكري على المحكمة العسكرية معتبرا أن الطعن بالنقض لا يمكن إلا مع الحكم في الجوهر[48]. و يسري نفس الحكم بالنسبة لقرارات البت في الإفراج المؤقت و الوضع تحت المراقبة القضائية[49] .
5- الأحكام الصادرة بغرامة لا تتجاوز 20.000 درهم إلا بعد الإدلاء بما يفيد أداءها[50].
ثانيا : من يجوز له الطعن بالنقض
تنص الفقرة الثانية من المادة 520 من ق م ج على أنه " يقدم الطعن بالنقض من النيابة العامة لمصلحة المجتمع، و يتقدم به لمصلحته الخاصة كل من كان طرفا في الدعوى" و نجد كذلك الفقرة السادسة من المادة 523 من ق م ج تنص على أنه " لا يقبل طلب النقض من أي شخص إلا إذا كان طرفا في الدعوى الجنائية، و تضرر من الحكم المطعون فيه" وبناء على ذلك يحق طلب النقض لكل من:
- النيابة العامة فيما يعود إلى الدعوى العمومية، و تطلب النقض ضد المتهم أو لفائدته، و لها أن تطعن في جميع الأحكام و القرارات النهائية.
-المتهم في المقتضيات الجنائية و المدنية للحكم الذي مس بمصالحه في هذه المقتضيات أو تلك.
- الطرف المدني في حدود مطالبه المدنية التي لم يستجب لها كليا أو جزئيا الحكم الطعون فيه.
- المسؤول عن الحقوق المدنية في حدود ما يمس مصالحه في الدعوى المدنية.
- الأشخاص و الجهات التي يسمح لها القانون بأن تكون طرفا في الدعوى العمومية أو المدنية مثل مصالح الجمارك و صندوق الضمان في حوادث السير، و مصلحة المياه و الغابات، و شركات التأمين، و ذلك في حدود ما لكل هذه الجهات من صلاحيات قانونية و مصالح في الدعوى الجنائية أو المدنية.
الفقرة الثانية : أوجه الطعن بالنقض في القرارات الجنائية
يحظى الطعن بالنقض بمكانة هامة جدا ضمن طرق الطعن غير العادية، نظرا لما له من دور تقني في تعريض الأحكام الإنتهائية أمام محكمة النقض، من أجل نقضها نظرا لما يشوبها من عيوب قانونية، إلا أن الطعن بالنقض لابد له من أسباب سنقف عندها تعتبر مفتاح له (أولا)، كما للطعن بالنقض كباقي الطعون أسباب غير مجدية ( ثانيا).
أولا : الأسباب المعتمدة في طلب الطعن بالنقض
إن الغرض من الوسائل و الأسباب المعتمدة في الطعن بالنقض التركيز و الوضوح و البساطة والإنجاز حتى يفهم قضاة النقض منذ الوهلة الأولى الوسيلة التي يجب أن تسطع مثل الشمس و دون أن يكلفو أي عناء لفهمها و إلا فإنهم سيعتبرونها غامضة و مبهمة، أو أنها تخلط بين القانون و الواقع و يعملون على رفض طلب الطعن بالنقض ، كما أن قضاة النقض لن يحلوا محل الطاعن في اعتماد وسائل لم تعرض عليهم ما لم يتعلق الأمر بالنظام العام.[51] و هذا ما رمى إليه المجلس الأعلى في إحدى قراراته[52]التي جاء فيه " يكون غير مقبول الوجه المستدل به الذي لم يفهم المقصود من مضمونه و الذي لم يبين الطالب فيه ما هي القواعد التي خالفتها المحكمة.."
هذا و قد حددت المادة 534 من ق م ج أسباب النقض في :
1- خرق الإجراءات الجوهرية للمسطرة: و يشترط ليكون من أسباب النقض أن يكون خرق هذه القاعدة قد أضر بطالب النقض، بحيث أن القاعدة المسطرية و لو كانت جوهرية و لم يضرر بها الطاعن لا تعد سببا كافيا لنقض القرار المطعون فيه و يمكن أن نذكر على سبيل المثال القواعد المتعلقة بالتفتيش و الحجز و الحراسة النظرية و خرق حق من حقوق الدفاع و عدم تشكيل الهيئة المنصوص عليها قانونا ...
2- الشطط في إستعمال السلطة : يعتبر في مفهومه الواسع خرق للقانون بصفة عامة، فيشمل تبعا لذلك خرق قواعد المسطرة الجنائية ، أو مجموعة القانون الجنائي أو غيرها من القوانين[53]، و نجذ ذلك مثلا في الحالة التي يستعمل فيها القاضي استعمالا يتجاوز به سلطته الوظيفية، و يتدخل في مهام السلطة التنفيذية، أو التشريعية..
3- عدم الاختصاص: يتجلى في الحالة التي تنظر فيها المحكمة في قضية ليست من إختصاصها، وإنما من إختصاص محكمة أخرى، حيث أنه في هاته الحالة تكون المحكمة التي بثت في النزاع الذي يخرج عن إختصاصها قد عرضت حكمها للطعن بالنقض، سواء تعلق الأمر بالإختصاص النوعي أو المحلي، غير أنه محكمة النقض من حيث المبدأ لا تقبل التمسك بعدم الإختصاص النوعي أو المحلي كسبب من أسباب الطعن بالنقضن إلا إذا أثير أمام المحكمة الإبتدائية قبل أي دفاع، أو تم التمسك به امام محكمة الإستئناف إذا صدر الحكم عنها كدرجة أولى للتقاضي.[54]
4- الخرق الجوهري للقانون: و يتعلق هذا السبب بجهل القاضي الذي أصدر الحكم المطعون فيه بالنصوص القانونية، كأن يحكم بعقوبة لا ترجع إلى ذلك النوع من الجرائم، أو يحكم بعقوبة لا ينص عليها القانون بالنسبة للنازلة المعروضة عليه، أو لا يطبق الأعذار القانونية أو ظروف التشديد، أو الأسباب المبررة تطبيقا سليما[55].
5- انعدام الأساس القانوني أو انعدام التعليل : يتمثل هذا السبب في إنعدام الأساس القانوني أو انعدام التعليل بشكل كلي أو جزئي من خلال كل خطأ أو نقص في التعليل أو فيما يرجع من تناقض بين أسباب الحكم أو التعليل ، و يدخل ضمن انعدام التعليل تحريف الوقائع كأن تتحدث المحكمة عن الوقائع بغير ما هي مدونة في ملف القضية و هو ما أكده المجلس الأعلى سابقا في إحدى قراراته[56]، كما يدخل ضمن انعدام التعليل ،عدم رد المحكمة على الدفوع الجدية التي يثيرها الأطراف[57].
ثانيا: الوسائل غير المجدية للطعن
أكد المشرع على عدم قبول وسيلة النقض المبنية على سبيل الإبطال حدث أثناء النظر في القضية ابتدائيا و لم تتم إثارته أمام محكمة الاستئناف طبقا للمادة 535 من ق م ج، كما لا تقبل وسيلة النقض المستخلصة من أسباب ليست ضرورية لمنطوق المقرر المطعون فيه و ذلك طبقا لمنطوق المادة 536 من ق م ج.
و قد أصدر المجلس الأعلى مجموعة من القرارات اعتبر فيها بعض وسائل النقض الذي اعتمدها الطاعنون غير مجدية نذكر منها ما جاء في قرار له [58]" إذا كانت ديباجة القرار الاستئنافي قد تضمنت بأن الحكم الابتدائي المؤيد، قضى للمجيئ عليه بمبلغ ما و الحال أن ما قضى به هو أقل من ذلك فإن الأمر لا يعد مجرد خطأ مادي لا يترتب عنه البطلان، لعدم إدراجه في أي سبب من أسباب النقض الواردة حصرا في الفصل 586 من قانون المسطرة الجنائية ".
الفقرة الثالثة : الشروط الشكلية للطعن بالنقض
لقبول الطعن بالنقض عدة شروط شكلية تتلخص في :
أولا : أجل طلب النقض
نصت المادة 527 من ق م ج على أن أجل الطعن بالنقض محدد في عشرة أيام من يوم صدور المقرر المطعون فيه، ما لم تنص مقتضيات خاصة على خلاف ذلك[59]. غير أن هذا الأجل لا يبتدئ إلا من يوم تبليغ المقرر إلى الشخص نفسه أو في موطنه وفق الحالات المحددة في البنوذ من 1 إلى 3 من نفس المادة، و تعتبر هذه الآجال أجال كاملة استنادا إلى المادة 750 من ق م ج، و يبتدئ الأجل بالنسبة للنيابة العامة و لمن صدر الحكم حضوريا في حقه من يوم النطق به، و بالنسبة لمن صدر الحكم في حقه بمثابة حضوري، فإن أجل الطعن يبتدئ من اليوم التالي لتبليغ الحكم إليه شخصيا أو في مسكنه، أما إذا كان الحكم غيابيا، فقد حددت الفقرة الأخيرة من المادة 527 من ق م ج أجل سريانه و هو اليوم الذي يصبح فيه التعرض غير صحيح.
ثانيا : كيفية التصريح بالنقض
يرفع التصريح بالنقض لدى كتابة ضبط المحكمة التي أصدرت المقرر المطعون فيه، و يقدم إما من طالب النقض أو محاميه، و قد ألغيت إمكانية تقديمه من طرف نائب متوفر على وكالة خاصة، و يقيد التصريح في سجل معد لهذه الغاية، و يوقع عليه كاتب الضبط و المصرح، و إذا كان لا يحسن التوقيع فإنه يضع بصمته، أما إذا كان طالب النقض معتقلا، فإن تصريحه يكون صحيحا إذا قدمه شخصيا بالمؤسسة السجنية وفق الإجراءات المتطلبة قانونا.[60]
و التصريح بالنقض على الشكل الذي حدده القانون مقرر على وجه الإلزام، فلا تغني عنه أية طريقة أخرى يستوي في ذلك النيابة العامة ، و المتهم و باقي المترافعين الذين يحق لهم طلب النقض[61] ، و عليه لا يقبل التصريح بالنقض في رسالة أو مذكرة، أو إثبات التصريح دون إمضائه من كاتب الضبط أو من الطاعن.[62] و تثار إشكالية بهذا الصدد حول الظروف القاهرة التي تحول دون إمكانية توجيه التصريح لدى كتابة الضبط و الإكتفاء بتوجيه رسالة؟ في هذا الصدد كان للمجلس الأعلى سابقا ( محكمة النقض حاليا) رأي في ذلك حيث جاء في إحدى قراراته[63]" و حيث أن هذا الإجراء – التصريح طبقا للمادة 577- جوهري و لا يمكن أن يستعاض عنه بأي إجراء آخر إلا في حالة القوة القاهرة..." و بهذا يمكن في حالة ثبوت القوة القاهرة أن يقبل التصريح بواسطة رسالة مع ضرورة إثبات الطاعن للإستحالة التي منعته من تقديم التصريح شفويا أمام محكمة النقض.
ثالثا : تجهيز الملف و رفعه للنقض
عرفت المادة 528 من ق م ج تعديلات مهمة متجاوزة لمجموعة من الاشكالات التي كان يطرحها الفصل 579 القديم، حيث أضافت المادة 528 فقرات أخرى لضمان تجهيز ملف النقض داخل أجل معقول، فالفقرة الأولى من المادة المذكورة حددت أجلا أقصاه ثلاثون يوما لتسليم نسخة من المقرر المطعون فيه بالنقض، كما حددت أجل وضع مذكرة النقض بواسطة محام مقبول لدى محكمة النقض خلال الستين يوما الموالية للتصريح بالنقض، و يوجه الملف إلى محكمة النقض بمجرد وضع المذكرة، و في جميع الأحوال خلال أجل أقصاه تسعون يوما. هاته الأجال الطويلة تجعلنا نتسائل حول نية المشرع من هذا الأجال، هل تبقى الملفات مرتبة في رفوف كتابة الضبط أم أن هناك إجراءات تستوجب الإنجاز خلال هذه المدة ؟
الحقيقة أن الغاية التي توخاها المشرع من هذا الأجل، هي تجهيز الملف لتلافي الإشكالات التي كان يطرحها الفصل 579 من ق م ج القديم، خاصة ما يتعلق بتجهيز نسخة القرار المطعون فيه و هو ما طرح صعوبات أدت لإهدار حقوق العديد من المتقاضين، لذلك فإن المادة 528 حملت كتابة الضبط مسؤولية تجهيز الملف، خاصة تجهيز نسخة الحكم و تبليغها للأطراف المعنية، و الأجل الذي فتح لها لتحقيق هذه الغاية أجل كاف.[64]
هذا و قد استوجبت المادة 530 من ق م ج على طالبي النقض، ما عدا النيابة العامة و الإدارات العمومية، لمبلغ الوجيبة المحدد في 1000 درهم الذي يجب إيداعه مع مذكرة النقض، أو داخل الأجل المقرر لإيداعها عندما تكون إجبارية، بكتابة ضبط المحكمة المصدرة للقرار المطعون فيه، تحت طائلة سقوط الطلب، هذا المبلغ الذي يرد لطالب النقض في حالة ما إذا لم تحكم عليه محكمة النقض بالغرامة المنصوص عليها في المادة 549 من ق م ج ، و يتعلق الأمر بغرامة مدنية في حالة إقامة دعوى كيدية، بإستيفاء المصاريف في حالة الحكم برفض طلب النقض.
الفقرة الرابعة : آثار الطعن بالنقض
يترتب عن الطعن بالنقض أثرا واقف و أثر ناقل.
أولا : الأثر الواقف للطعن بالنقض
المبدأ العام أن الأحكام الجنائية لا تكون قابلة للتنفيذ في مقتضياتها العقابية الجنائية إلا إذا اكتسبت قوة الشئ المحكوم به بأن أصبحت غير قابلة للطعن بالطرق العادية أو بالنقض لفائدة المترافعين، أما في المقتضيات المدنية فتنفذ عندما تكون نهائية أي غير قابلة للتعرض و الاستئناف.[65]
و تطبيقا لذلك قضت الفقرة الثالثة من المادة 532 على أنه" يوقف أجل الطعن بالنقض و الطعن بالنقض تنفيذ العقوبة الجنائية في جميع الحالات ما عدا إذا طبقت المادتان 392 و 431 أعلاه من لدن هيئة الحكم" و تبعا لذلك فأجل الطعن بالنقض و الطعن بالنقض يوقف التنفيذ، بإستثناء ما تقضي به المادة 392 و ذلك بالإمكانية الممنوحة للمحكمة بناء على ملتمس النيابة العامة، إذا كانت العقوبة المحكوم بها تعادل سنة حبسا أو تفوقها، في أن تصدر مقررا خاصا معللا تأمر بمقتضاه بإيداع المتهم بالسجن أو بإلقاء القبض عليه، و الذي يتم تنفيذه رغم الطعن فيه بأية طريقة من طرق الطعن العادية أو غير العادية.
أما المادة 431 فتقضي بإمكانية غرفة الجنايات في حالة الحكم بعقوبة جنائية سالبة للحرية، أن تأمر بإلقاء القبض حالا على المحكوم عليه الذي حضر في حالة سراح للجلسة، و ينفذ هذا الأمر بالرغم من كل طعن.
أما التعويضات المدنية المحكوم بها، فإنها تنفذ بالرغم من الطعن بالنقض و لا يوقف أجل الطعن تنفيذها.
ثانيا : الأثر الناقل للطعن بالنقض
يعتبر الطعن بالنقض تظلما من حكم محكمة الموضوع أمام محكمة النقض ، بسبب مظنة حمل الحكم لشوائب يبينها الطالب في السبب أو الأسباب الذي يقيمها سندا و دعامة لطلبه، ناقلا بذلك لمحكمة النقض رغبته في تصحيح ما قد يراه خاطئا و ضارا به، و بإعتبار أن محكمة النقض ليست درجة من درجات التقاضي لإنحصار صلاحياتها في مدى مطابقة ما فصلت فيه محاكم الموضوع للقانون دون الوقائع، فإن الأثر الناقل للطعن بالنقض سيكون من حيث نطاقه أقل ظهورا و اتساعا من الطعن بالإستئناف.
و لذلك فقت تعرضت المادة 533 من ق م ج لصفة الطاعن و أثرها في الدعوى، فالنيابة العامة طرف في الدعوى العمومية و لذلك فأثر الطعن الذي تتقدم به ينحصر في الدعوى العمومية، و يمكن أن يشمل الدعوى المدنية إذا كانت طرفا رئيسيا فيها، و المتهم طرف في الدعويين معا لذلك فإن بإمكانه الطعن في المقرر بشقيه الجنائي و المدني، أما الطرف المدني و المسؤول عن الحقوق المدنية و شركة التأمين و غيرها ممن يمكن الحكم عليهم بأداء التعويضات المحكوم بها، فإنهم جميعا أطراف في الدعوى المدنية وحدها و طعنهم لا ينصرف إلا على هذه الدعوى.
المطلب الثاني : الطعن بإعادة النظر والمراجعة كطرق غير عادية للطعن
عالج المشرع المغربي الطعن بإعادة النظر والمراجعة كأحد طرق الطعن غير العادية في الفصول من 563 إلى 474 من ق م ج، ويقصد بالطعن بإعادة النظر ضد قرارات محكمة النقض ( الفقرة الأولى ) طريق غير عادي يقرره القانون في حالات حددها على سبيل الحصر ضد أحكام الإدانة الباتة في الجنايات والجنح لإصلاح خطأ قضائي تعلق بتقدير وقائع الدعوى[66]، كما يقصد بالمراجعة ( الفقرة الثانية ) بأنها طريق غير عادي للطعن، سمح به القانون في حالات تولى تحديدها على سبيل الحصر، بغية إصلاح ما علق بالمقررات القضائية الصادرة بالإدانة من أخطاء في تقدير الوقائع التي تأسست عليها[67]. يتبين من خلال التعريف السابق بأن اللجوء إلى هذا الطريق من الطعن لا يجوز إلا إذا كان المقرر صادرا يالإدانة في جناية أو جنحة باعتبار أن الطعن في المقررات القضائية على هذا الأساس جاء لمقاربة إصلاح الخطأ القضائي .
الفقرة الأولى : الطعن بإعادة النظر
نظم المشرع الطعن بإعادة النظر ضمن فصلين إثنين يتعلق الأمر بالفصل 563 و 564 من ق م ج ، وهو من المستجدات التي عرفها ق م ج ، حيث لم يظهر ضمن مقتضيات ظهير 10/2/1959 بمثابة ق م ج الملغى ، ولا شك أن الطعن بإعادة النظر يثير إشكالات عديدة أهمها مدى قابلية قرارات محكمة النقض للطعن باعتبارها أعلى محكمة في البلاد، أناط بها القانون وظيفة بالغة الأهمية وهي مراقبة كل محاكم المملكة في تطبيقها للقانون وتوحيد الإجتهاد فيما بينها من خلال تفسيرها وتأويلها للنصوص التي قد تختلف حولها الأفهام والنظر بين محاكم الموضوع ، مما ظهر معه اختلافات فقهية حول تفسير عبارة " قرارات المجلس الأعلى " هل تشمل جميع القرارات الباتة والفاصلة في طلبات النقض التي تصدر عن محكمة النقض أم يستثنى من ذلك القرارات التي بتت فيها في موضوع الدعوى العمومية باعتبارها درجة ثانية من درجات التقاضي ( عملا بقواعد الإمتياز القضائي)[68] .
وعموما إن إقرار القانون الجديد للمسطرة الجنائية لهذا الطريق من طرق الطعن في القرارات التي تصدر عن محكمة النقض، سد نقصا كان ملحوظا في ظهير 10 فبراير 1959 الملغى ، حيث يجوز الطعن في القرارات الصادرة عن محكمة النقض بإعادة النظر ضمن حالات حددها الفصل 563 من ق م ج ( أولا ) ووفق إجراءات مسطرية محددة
( ثانيا ) .
أولا : حالات إعادة النظر
هذه الحالات وردت على سبيل الحصر في المادة 563 وهي كالتالي :
(1 الحالة الأولى ◇ الطعن بإعادة النظر ضد القرارات الصادرة عن محكمة النقض استنادا إلى وثائق صرح أو اعترف بزوريتها ؛
يقصد بهذه الحالة كون محكمة النقض بتت في أحد وجوه الدعوى العمومية المرفوعة إليها، وكان بتا خاطئا نتيجة لعمل إجرامي تغيرت بمقتضاه الحقيقة في وثيقة، قدمت دليلا استندت إليها محكمة النقض عند فصلها في طلب الطعن بالنقض، بحيث لو لم يتم هذا العمل الإجرامي لسار حل القضية في اتجاه آخر[69].
وتجدر الإشارة إلى أن الكفالة المنصوص عليها في الفقرة الثالثة[70]من المادة 563 فإنها لا تتعلق إلا بحالة الطعن بإعادة النظر ضد القرارات الصادرة استنادا إلى وثائق صرح او اعترف بزوريتها، إذ الواضح من مطلع الفقرة الثالثة أنه " في هذه الحالة " فقط يجب إيداع تلك الكفالة، ويثار إشكال حول الجهة التي تتحمل الصائر القضائي، فالملاحظ أن هناك فراغا قانونيا ناتجا عن سكوت ق م ج عن موضوع الصائر القضائي المتعلق بطلب إعادة النظر، ولا يمكن في هذا الإطار القول بأن الفقرة قبل الأخيرة[71] من المادة 563 من ق م ج والتي أحالت على المواد 539 وما بعدها، فتكون قد أحالت على المادة 549 التي جاء فيها بأن المصاريف يتحملها الطرف الذي خسر الدعوى، لأن هذه المصاريف يجب أن تكون محددة قانونا، تحت طائلة الدفوع في خطأ ارتكاب خيانة الغدر المنصوص عليها وعلى عقوبتها في الفصل [72]243 من القانون الجنائي .
(2 الحالة الثانية ◇ الطعن بإعادة النظر من أجل تصحيح القرارات التي لحقها خطأ مادي واضح يمكن تصحيحه من خلال عناصر مأخوذة من القرارات نفسها؛
يقصد بهذه الحالة ارتكاب خطأ مادي غير مقصود أثناء نظر محكمة النقض في القضية، وغالبا ما يكون هذا الخطأ يسيرا مثلا : خطأ القرار في تحديد رقم الرسم العقاري للعقار الذي وقعت مصادرته، أو الخطأ في اسم المحكوم عليه، أو تاريخ ازدياده أو مهنته، وعموما كل ما يمكن عده خطأ ماديا يتيسر تصحيحه من أوراق الحكم وهي الأخطاء التي تلحق بالقرار نتيجة خطأ في نقل البيانات التي تتضمنها وثائق الملف ، وهذا ما أكده قرار[73]للمجلس الأعلى- محكمة النقض- حيث جاء فيه ما يلي " الخطأ المبرر للطعن بإعادة النظر في قرار المجلس الأعلى هو الذي يلحق بالقرار نتيجة خطأ في نقل البيانات التي تتضمنها وثائق الملف.
القرار أشار بدقة ووضوح إلى تاريخ صدور القرار المطعون فيه وتاريخ التصريح بالنقض ثم تاريخ الإدلاء بمذكرة النقض كما ورد ذلك في نسخة القرار المطلوب نقضه صك النقض ومذكرة أسباب هذا النقض دون أن يلحق به المجلس التغيير المطلوب إصلاحه، وطالما أن الطالب لم يثبث أمام المجلس الأعلى وقوع خطأ مادي أثر فيما قضى به سابقا، فلا تبدو المطالبة بإعادة النظر مستساغة ضد قرار غير مشوب بأي خطأ مادي.
(3الحالة الثالثة ◇ الطعن بإعادة النظر بسبب إغفال البت في أحد الطلبات المعروضة بمقتضى وسائل استدل بها أو في حالة عدم تعليل القرار؛
هذه الحالة من الحالات التي تكرس الحق في الدفاع أمام أعلى هيئة قضائية في الدولة، لأن المحكوم عليه من الأطراف إذا هي أغفلت المحكمة الابتدائية البت في أحد الطلبات المحالة منه عليها، أو لم تعلل مقررها كان له أن يستأنف أمام محكمة الاستئناف التي ستصححه لا محالة، والأمر نفسه يصدق ويسري على قرارات محكمة الاستئناف التي يكون للمعني بذلك التظلم منها بطلب نقضها إن لعدم الجواب على طلب من طلباته أو دفع من دفوعاته أو لصدورها من غير تعليل أو ناقصه[74]، ولكن الأمر يتعلق فيما إذا كانت محكمة النقض نفسها التي لم تبت في أحد الطلبات المعروضة عليها، أو أغفلت التعليل أو التسبيب .
حيث جاء في قرار[75] للمجلس الأعلى-محكمة النقض- ما يلي " إغفال المحكمة البت في البت في أحد الطلبات المعروضة بمقتضى وسائل استدل بها أمامها ولها تأثير في مسار الدعوى يجعل الطعن بإعادة النظر مقبولا"
وجاء في قرار[76] آخر ما يلي :" يجوز الطعن بإعادة النظر في قرارات المجلس الأعلى إذا لم تكن معللة ولم يشر فيها إلى النصوص المطبقة"
وجاء في آخر[77]:" عدم مناقشة الطلبات المقدمة إلى المحكمة وعدم البت فيها بالقبول ولا بالرفض يجعل قرارها مشوبا بعيب إغفال البت في طلبات عرضت أثناء المحاكمة "
إلا أنه يشترط لقبول الطعن بإعادة النظر في هذه الحالة أن يكون الدفع واضحا ومبينا لجميع العناصر، ففي قرار[78] لمحكمة النقض جاء فيه ما يلي : " لا تعتبر المحكمة ملزمة بالجواب على الدفوع الغامضة والمبهمة التي لم تبين المقصد منها، وعدم جوابها هذا لا يعتبر إغفالا مبررا للطعن بإعادة النظر " ..
(4 الحالة الرابعة ◇ الطعن بإعادة النظر ضد المقررات الصادرة عن محكمة النقض بعدم القبول، أو بالسقوط لأسباب ناشئة عن بيانات ذات صبغة رسمية تبين عدم صحتها عن طريق وثائق رسمية جديدة وقع الاستدلال بها فيما بعد؛
ومقتضى هذه الحالة أن تستند محكمة النقض وتبني موقفها على غلط في الوقائع مثلا : أن تصرح محكمة النقض أثناء نظرها في الطعن بالنقض المرفوع أمامها بانقضاء الدعوى العمومية لوفاة المتهم، وهذا بناء على الاستظهار بشهادة طبية من قبل المستشفى تشهد بذلك، ثم يتبين بعد ذلك أن المحكوم بسقوط الدعوى العمومية قبله ما يزال حيا، لكون الشهادة المستظهر بها وصلت خطأ للملف لمجرد تشابه الأسماء بين المتوفى والمطلوب في النقض، أيضا أن تقضي محكمة النقض برفض طلب النقض شكلا بسبب عدم إيداع المذكرة خلال الأجل ثم يتبين بعد ذلك أن المذكرة وقع إيداعها في الميعاد، أو أن الحكم المطلوب نقضه لا يقبل الطعن بالنقض[79] .
ثانيا : مسطرة الطعن بإعادة النظر
بالرجوع إلى مقتضيات المادة 563 من ق م ج فإنها قد أحالت على المادة 528 المتعلقة بشكليات طلب النقض، وبالتالي فالطعن بإعادة النظر يبدأ بطلب يقدمه المعني بالأمر طبقا للفقرات 2 و 3 و4 من المادة 528[80] من ق م ج .
أما إذا تعلق الأمر بالنيابة العامة فبواسطة مذكرة توضع بكتابة ضبط محكمة وذلك طبقا لمقتضيات الفقرة 6 من المادة 563[81] .
وتجدر الإشارة إلى أن الطعن بإعادة النظر بسبب حالة الزور لها خصوصية حددتها المادة 564 من ق م ج ، حيث استوجبت تحت طائلة البطلان، أن يتم الطعن بواسطة مذكرة ممضاة من طرف مدعي الزور أو من ينوب عليه بتوكيل خاص و تقدم إلى الرئيس الأول لمحكمة النقض، وأكدت هذه المادة على وجوب إيداع الكفالة المشار إليها في المادة 563، وتبلغ المذكرة للنيابة العامة، و بعد ذلك يصدر الرئيس الأول أمرا بالرفض أو أمرا يأذن فيه بتقييد دعوى الزور، وتباشر بعد ذلك الإجراءات وفق المسطرة المحددة في نفس المادة[82] .
الفقرة الثانية : حالة المراجعة
إن الإدانة الخاطئة خطرها أشد، وكارثتها أعظم، لأنها تنزل على المتهم عقوبة ربطها القانون بالمجرمين، وهو ما ينشئ لدى الكافة حالة من القلق العام تتجاوز ولا شك مجرد خيبة أمل، هذا الأثر الذي يحدثه الحكم الخاطئ في نفوس الكافة، لا يتجافى فحسب مع دواعي العدل الانساني ومتطلباته بل أنه يكاد يقضي على دور القانون الجنائي في الردع، والذي لا يمكن أن يتحقق إلا إذا أنزلت العقوبة صوابا على من تعدى، والقلق العام وخيبة الأمل الناجمان عن الحكم الخاطئ لا يولدان ردعا للنفوس وإنما يولدان رعبا وازدراء[83]
ذلك أنه رغم الضمانات التي وضعت لضمان حسن سير القضاء وتحقيق العدالة فإنه غير منزه عن الخطأ، حيث يحدث أن يخطئ القاضي في حكم من أحكامه، وهذا ما جعل المشرع ينظم مسألة المراجعة ضمن مواد ق م ج و يتعلق الأمر بالمواد من 565 إلى 574، بموجبها عالج المشرع إمكانية مراجعة الأحكام والقرارات التي شابها عيب من العيوب الواقعية، طبعا إذا توفرت شروطها وتحققت إحدى حالات المراجعة (أولا) ، يصدر بعد ذلك قرارا إما بقبول طلب المراجعة إذا كان صحيحا، أو رفضه إذا لم يحترم الشروط المحددة قانونا (ثانيا).
أولا : شروط وحالات طلب المراجعة
سنحاول في هذا الصدد التطرق لشروط طلب المراجعة (1) على أن نعرج الحديث عن حالات طلب المراجعة (2) .
1 ) شروط طلب المراجعة
بالرجوع إلى مقتضيات المادة 565[84] من ق م ج فإنه يشترط لقبول المراجعة في المقررات القضائية ثلاثة شروط أساسية، يتعلق الأمر أولا بكون المقرر القضائي المراد طلب مراجعته صادرا بالإدانة، أما إن هو انتهى تبرئته فلا حاجة لطلب المراجعة حينئذ، لأن المصلحة هنا منتفية لعدم التضرر إطلاقا من أحكام البراءة، أيضا كون المقرر القضائي غير قابل لأي طريق من طرق الطعن العادية أو النقض، بمعنى أن يكون باتا مكتسب لقوة الشيئ المقضي به[85]وهذا ما أكده قرار[86] محكمة النقض والذي جاء فيه ما يلي: " لا تقبل المراجعة إلا إذا كان الحكم المطلوب مراجعته قد اكتسب قوة الشيئ المقضي به "
وهناك شرط ثالث يتعلق بصدور الحكم في جناية أو جنحة دون المخالفات، على اعتبار أن المشرع في المادة 565 من ق م ج حسم المسألة ولم يتركها لتقدير أحد[87].
(2) حالات طلب المراجعة
تعرضت المادة 566 من ق م ج للحالات التي تخول طلب المراجعة، وهي حالات أربع مذكورة على سبيل الحصر ووفق التسلسل الآتي:
v الحالة الأولى : إذا صدرت عقوبة في دعوى القتل، وأدلى بعد ذلك بمستندات أو حجج ثبت منها قيام قرائن أو علامات كافية تدل على وجود المجني عليه المزعوم قتله؛
إن اللجوء لطلب المراجعة بناء على هذه الحالة يتطلب توفر شرطين : أولهما صدور مقرر قضائي بعقوبة دعوى القتل، وثانيهما أن يتم بعد صدور المقرر القضائي بعقاب المتهم في دعوى القتل، الإدلاء بمستندات أو حجج أو علامات كافية تدل على وجود المزعوم قتله عكس المشرع المصري في المادة 441[88] من قانون الإجراءات الجنائية الذي شدد في وجود المدعى قتله حيا .
v الحالة الثانية : إذا صدرت عقوبة على متهم، وصدر بعد ذلك مقرر ثان يعاقب متهما آخر من أجل نفس الفعل ولم يمكن التوفيق بين المقررين لما بينهما من تناقض يستخلص منه الدليل على براءة أحد المحكوم عليهما؛
يتبين من خلال هذه الحالة بأنه لا مجال لإثارة الطعن بالمراجعة أبدا بصدد حكمين صدرا معا بالبراءة، أو صدر أحدهما بالبراءة والثاني بالإدانة، حتى ولو تناقضا فيما بينهما لصراحة النص على اشتراط صدور الحكمين معا بالإدانة، كما لا مكان لإثارة المراجعة فيما إذا صدر حكم بالإدانة على متهم، وحصل أن رفعت الدعوى على ذات الواقعة التي صدر الحكم عليه تأسيسا عليها على شخص آخر، لم يتسن صدور أي حكم عليه لحصول أحد المسقطات التي أفضت إلى انقضاء الدعوى العمومية ( وفاة الشخص الثاني ) قبله، أو السير فيها ( جنون المتهم مثلا)[89].
v الحالة الثالثة : إذا جرت بعد صدور الحكم بالإدانة متابعة شاهد سبق الاستماع إليه وحكم عليه من أجل شهادة الزور ضد المتهم، ولا يمكن أثناء المناقشات الجديدة الاستماع إلى الشاهد المحكوم عليه بهذه الصفة؛
حسنا ما فعل المشرع بتقرير هذه الحالة باعتبارها سببا وجيها وعادلا لصيانة العدالة والحفاظ على قدسيتها بعدم جعل الغلبة لقوة الأمر المقضي به للمقرر القضائي وبما قد تحتمله من ظلم على الحقيقة الموضوعية التي تأكدت من خلال تبوث كذب الشاهد الذي نطق زورا وبهتانا، فغيب بذلك فضيلة العدالة والنزاهة، وكل القيم التي تميز الإنسان عن غيره .
v الحالة الرابعة : إذا طرأت واقعة بعد صدور الحكم بالإدانة أو تم الكشف عنها أو إذا تم تقديم مستندات كانت مجهولة أثناء المناقشات ومن شأنها أن تثبت براءة المحكوم علي.
يخول حق طلب المراجعة فب الحالات الثلاث الأولى المشار إليها في المادة 566 لمن يأتي ذكرهم:
أ) للوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى بمبادرة منه أو بطلب من وزير العدل؛
ب) للمحكوم عليه أو نائبه القانوني في حالة عدم الأهلية؛
ج) لزوج المحكوم عليه المتوفى أو المصرح بغيبته وأولاده ووالديه وورثته والموصى لهم ولمن تلقى توكيلا خاصا منه قبل وفاته.
وتجدر الإشارة إلى أن المشرع بموجب مستجدات مشروع ق م ج حذف عبارة " بطلب من وزير العدل" طبقا للمادة 567[90] من نفس المشروع .
ويرجع حق طلب المراجعة في الحالة الرابعة المنصوص عليها في المادة 566 إلى وزير العدل وحده، بعد استشارة لجنة مكونة من مديري الوزارة وثلاثة قضاة من المجلس الأعلى- محكمة النقض- يعينهم الرئيس الأول لهذا المجلس من غير أعضاء الغرفة الجنائية طبقا للمادة 567 من ق م ج الحالي .
من المستجدات أيضا التي جاء بها مشروع ق م ج، إحداث لجنة للمراجعة بمحكمة النقض تبت في قبول أو عدم قبول طلبات المراجعة، وتتألف من ثلاثة مستشارين ويمكن للجنة أن تعين مقررا[92]
وبعد أن تبت اللجنة في قبول طلب المراجعة داخل 15 يوما، تحيل طلبات المراجعة المستوفية للشروط القانونية إلى الغرفة الجنائية بمحكمة النقض للبت فيها وفقا للقانون[93].
ثانيا : طلب المراجعة بين الرفض والقبول
تحال طلبات المراجعة على الغرفة الجنائية بمحكمة النقض للبت فيها إن بالقبول و إن بالرفض طبقا للمادة 570 من ق م ج .
(1) رفض الطعن بالمراجعة
إذا هي الغرفة الجنائية بمحكمة النقض -وبعد أن أصبحت القضية جاهزة للحكم فيها- تأكد لديها بأن طلب المراجعة المقدم لها، وإن هو استوفى الشكليات التي أوجبها القانون، إلا أن السبب الذي استند إليه طالب المراجعة، والذي يتعين أن تكون المادة 565 من ق م ج أقرته في الأرقام من 1 إلى 4 فيها، لم تتوافر فيه الشروط الواجب تحققها فيه، كأن تصدر محكمة حكما بعقوبة على طالب المراجعة باعتباره فاعلا أصليا لجناية أو جنحة، ويثبت صدور مقرر قضائي بالعقوبة على شخص آخر ، وذلك بصفته مشاركا في ذات الجريمة، حيث لا شك ولا خلاف، في أن السبب المستند عليه لمراجعة الحكم بالإدانة والعقاب في هذه الحالة، لا ينهض سببا لإبطال الحكم بالعقاب عن طريق المراجعة فيه، لكونه ليس من شأنه استخلاص براءة أي من المحكوم عليهما على الإطلاق[94] .
ويترتب عن رفض محكمة النقض (الغرفة الجنحية) لطلب المراجعة ، تثبيت المقرر القضائي الصادر بالإدانة والموقع للعقوبة، ليصبح بذلك مستقرا وغير قابل للمنازعة أبدا في مدى قوته التنفيذية[95] والإثباتية .
بالإضافة إلى إلزام الطالب الذي رفض طلبه بالمصاريف باعتباره خاسرا للدعوى طبقا للمادة 574 في الفقرة الثالثة من ق م ج .
(2) قيول الطعن بالمراجعة
إن قبول طلب المراجعة يوقف العقوبة بقوة القانون ما لم تكن قد نفذت، وإذا شرع في تنفيذها فيمكن لوزير العدل والحريات تسريح المتهم المعتقل إلى حين صدور مقرر محكمة النقض وذلك استنادا للمادة 569 من ق م ج .
يمكن للمحكوم براءته المطالبة بالتعويض، كمادا يمكن ذلك لورتثه إذا ما اثبثو الضرر الذي لحقهم، وتتحمل الدولة هذه التعويضات مع إمكانية رجوعها على الطرف المدني أو الواشي، أو شاهد الزور الذين تسببوا بخطئهم صدور العقوبة[96] ، ولا يجب أن تقف مسؤولية الدولة في تقديم التعويضات المادية عن الأضرار التي أصابت المتضرر من الحكم الأصلي بل تمتد إلى إصلاح الضرر المعنوي الذي أصاب هذا المتضرر بسبب الإدانة حيث تفرض المادة 574 من ق م ج ضرورة إخبار العموم بمراجعة الحكم الذي أدان بغير موجب شرعي الشخص الذي أثبت براءته، وذلك عن طريق نشر الحكم النهائي الذي تمت بواسطته مراجعة الحكم الأصلي .
خاتمة
خلاصة القول, وبعد التطرق، بشكل من التفصيل، لكل من طرق الطعن سواء العادية منها او غير العادية هي الوسائل أو المكنات التي يتسنى للخصوم عن طريقها التظلم في الأحكام بهدف تصحيح ما يكون قد شابها من عيوب أو أخطاء واقعية أو قانونية أملا في الوصول إلى حكم صحيح غير مجاف للواقع أو القانون، تبين لنا ان مسطرة الطعن في المقررات القضائية وفق قانون المسطرة الجنائية الجاري به العمل تواجه الكثير من الإشكالات والممارسات الخاطئة، منها ما يتعلق بالمبالغة في اللجوء إلى طرق الطعن، ومنها ما يخص لجوء بعض أطراف الدعوى إلى سلوك طريقة من طرق الطعن رغم علمهم المسبق أنها لن تنتج أي أثر سوى تمديد أجل القضية، ومنها سلوك أحد وسائل الطعن غير التي يتعين سلوكها وهذا الوضع هو ما أفضى بهيئة الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة إلى التوصية، ضمن الهدف الفرعي الرابع المتعلق " بالبت في القضايا وتنفيذ الأحكام خلال آجال معقولة" " بتقليص الطعون ضد الأحكام الصادرة بشأن القضايا البسيطة وترشيد الطعون من قبل النيابات العامة"..، إلا انه بالرغم من المستجدات التي جائت بها مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية، لا زالت العديد من الإشكالات مطروحة والتي تقتضي إعادة النظر في مجموعة من النقاط، على سبيل المثال ان هناك بعض الاحكام التي لا يجوز استئنافها، مما يفضي الى ضرورة اخضاع بعض الاحكام لكافة طرق الطعن،
كما ان مشروع ق م ج لم يتجاوز السلبيات التي يعاني منها قانون المسطرة الجنائية الحالي، ا دانها لم تعمل على تجاوز العديد من الهفوات. ولا يفوتنا أن ننوه إلى أن المشروع عمل على إلغاء الغرف الاستئنافية التي سبق إحداثها على مستوى المحاكم الابتدائية، وهو ما يعني أن النظر في جميع القضايا المستأنفة سيعود من جديد إلى محاكم الاستئناف العادية.
التحميل من هنا : عرض حول طرق الطعن في المادة الجنائية PDF
أنظر أيضا : 3 بحوث يحتاجها كل طالب باحث مقبل على مشروع نهاية الدراسة الجامعية PDF
أنظر أيضا : بحث حول الخطأ القضائي PDF
أنظر أيضا : عرض شامل حول الدعوى العمومية PDF
[1]- دليل وزارة العدل، لشرح قانون المسطرة الجنائية، الجزء الثاني، مطبعة إليت، الرباط، دون ذكر الطبعة، ص.272.
[2]- ظهير شريف رقم 1.11.151 صادر في 16 من رمضان 1432 (17 أغسطس 2011) بتنفيذ القانون رقم 42.10 المتعلق بتنظيم قضاء القرب وتحديد اختصاصاته، الجريدة الرسمية عدد5975، بتاريخ 6 شوال 1432 (5 سبتمبر 2011)، ص.4392.
[3]- عبد الواحد العلمي، شرح القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية الجزء الثالث، الطبعة الثانية 2017، بدون ذكر المطبعة، ص.78.
[4]- المادة 393 من قانون المسطرة الجنائية .
[5]- دليل وزارة العدل، مرجع سابق، ص.275.
[6]- عبد الواحد العلمي، مرجع سابق، ص.83.
[7]- قرار المجلس الأعلى، عدد 435/3، بتاريخ 24/2/98، ملف جنحي عدد 614/96، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى، العدد المزدوج 53ـ54، السنة1999، ص.393.
[8]- قرار صادر عن محكمة الاستئناف بفاس عدد 305، بتاريخ 30 مارس 81، ق.م.ع، عدد 27، أورده أحمد الخمليشي، مرجع سابق، ص.251.
[11]- أحمد الخمليشي، شرح قانون المسطرة الجنائية، الجزء الثاني، الطبعة الخامسة، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط 2001،ص.254.
[12]- قرار صادر عن المجلس الأعلى، عدد 7885، بتاريخ 27/9/90، ملف عدد 45، أورده أحمد الخمليشي، مرجع سابق.
[13]- دليل لوزارة العدل، مرجع سابق، ص.278.
[14]-المادة 394من ق م ج.
[17] -قرار صادر عن المجلس الأعلى، عدد7918، بتاريخ 26/ 11/ 87، ملف 86/ 16748، أورده أحمد الخمليشي، مرجع سابق، ص.258.
[20] - تنص المادة على انه" يمكن للمتهم او المسئول يمكن للمتهم والمسئول عن الحقوق المدنية والنيابة العامة استئناف الأحكام الصادرة في المخالفات إذا قضت بعقوبة سالبة للحرية".
[21] - جاءت بما يلي" يمكن الطعن بالاستئناف في الأحكام الصادرة في الجنح كيفما كان منطوقها من المتهم والمسؤول عن الحقوق المدنية والطرف المدني ووكيل الملك والوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف، أو إحدى الإدارات عندما يسمح لها القانون بصفة خاصة بإقامة الدعوى العمومية".
[22]- عبد الواحد العلمي, شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية,م.س.ص.108.
[23]- قرار رقم 305 بتاريخ 25_12_1963 منشور بمجلة القضاء والقانون عدد 65-66-67 ص.228.
[24]- المادة 484 من قانون المسطرة الجنائية.
[25]- المادة 494 من قانون المسطرة الجنائية.
[26] - تنص المادة على ما يلي" إذا كان الفعل منسوباً إلى مستشار لجلالة الملك أو عضو من أعضاء الحكومة أو كاتب دولة أو نائب كاتب دولة مع مراعاة مقتضيات الباب الثامن من الدستور أو قاض بالمجلس الأعلى أو بالمجلس الأعلى للحسابات أو عضو في المجلس الدستوري أو إلى والي أو عامل أو رئيس أول لمحكمة استئناف عادية أو متخصصة أو وكيل عام للملك لديها، فإن الغرفة الجنائية بالمجلس الأعلى تأمر- عند الاقتضاء – بناء على ملتمسات الوكيل العام للملك بنفس المجلس بأن يجري التحقيق في القضية عضو أو عدة أعضاء من هيئتها".
[28]جاء في الفقرة الثالثة" ذا صدر حكم حضوري يقضي بغرامة غير مقرونة بعقوبة سالبة للحرية، فإن هذا الحكم لا يمكن أن يطعن فيه إلا بالنقض طبق الشروط المنصوص عليها في المادة 415 بعده".
[30]- قرار عدد137 الصادر بتاريخ 17-12-2007 منشور بمجموعة قرارات المجلس الأعلى, المادة الجنائية ,الجزء الاول,ص.52.
[31]- عبد الواحد العلمي, ,م.س.ص.120
[32]- قرار رقم 70 في 10-11-1965, منشور قضاء المجلس الاعلى , عدد 2 ص. 89.
[33] -الداودي عبد الله, الطعنب طريق الاستئناف في المادة الجزائية, مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير فيا لقانونا لجنائي, كلية الحقوق سعيد حمد ين ,الجزائر ,2015-2016,ص.114.
[34] " إن الفصل 399 يوجب أن يقدم الاستئناف في شكل تصريح الى مكتب اضبط, و انه لا يوجد بالملف ما يفيد ان النيابة العامة قامت بهدا الإجراء الجوهري, وعليه فان محكمة الموضوع بقبولها طلبي استئناف لم تتاكد من وجودهما وصحتهما تكون قد خرقت مقتضيات المادة 399 وعرضت حكمها للبطلان" أورده: عبد الواحد العلمي,, شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية,م.س ,ص. 135,
[38] - تنص المادة على ما يلي" يمكن للمحكمة بناء على ملتمس من النيابة العامة إذا كانت العقوبة المحكوم بها تعادل سنة حبساً أو تفوقها، أن تصدر مقرراً خاصاً معللاً تأمر فيه بإيداع المتهم في السجن أو بإلقاء القبض عليه.
خلافا لما تضمنته مقتضيات المادتين 398 و532، فإن الأمر القضائي المذكور يبقى نافذ المفعول رغم كل طعن.
[39]- عبد الواحد العلمي,شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية,م.س.ص.142.
[40]- قرار عدد 5148 صادر في 01-09-2001, منشور بمجلة الإشعاع , م.س.ص.195.
[44]- وفي هدا السياق وجبت الإشارة إلى أن المحكمة الناظرة في الاستئناف ملزمة بالتأكد من اختصاصها النوعي والشخصي, تلقائيا لتعلق دلك بالنظام العام , و الذي لا يثبت لها إلا إذا كانت المحكمة المصدرة للحكم الابتدائي المستأنف مختصة بالنظر في الدعوى كذلك.
[48] - قرار المجلس الأعلى عدد 1088/3 الصادر بتاريخ 17-06-2009 في الملف الجنائي عدد 259/6/3/09، غير منشور.
[51] - الحسن البوعيسي، الوسيط في قانون القضاء العسكري، القسم الأول، المسطرة الجنائية العسكرية، الطبعة الأولى 2011، ص 325.
[56]- جاء في قرار للمجلس الأعلى "نسبة أقوال لم تضمن في المحضر يعد تحريفا لتصريحات الأطراف والوثائق حاسمة ويعتبر نقصانا في التعليل" قرار المجلس الأعلى عدد : 385/1 المؤرخ في : 26/2/2003، ملف جنــائي عدد : 9365/1999،غير منشور
[57] - جاء في إحدى قرارات المجلس الأعلى :" يشترط لصحة الأحكام أن تكون معللة و عدم الجواب عن الدفوعات المثارة بصفة نضامية ينزل منزلة انعدام التعليل " ، قرار المجلس الأعلى عدد : 612/7 المؤرخ في : 27/2/2002، ملف جنــائي عدد : 10586/6/7/2002، غير منشور.
[58] - قرار المجلس الأعلى عدد 7554 صادر بتاريخ 7/11/1985، منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 40، ص 88.
[59] - و من النصوص التي تخالف مقتضى المادة 527 من حيث أجل الطعن بالنقض الفصل 29 من قانون محكمة العدل الخاصة، التي ألغيت بمقتضى ظهير 15 شتنبر 2004 و الذي كان يحدد أجل الطعن بالنقض في خمسة أيام، و الفصل 11 من القانون 2.71 الصادر بتاريخ 26/07/1971 المغير و المتمم لظهير 10/11/1956 المتعلق بقانون العدل العسكري الذي يحدد أجل الطعن في أربع و عشرين ساعة بالنسبة لجرائم أمن الدولة.
[62] - قضى المجلس الأعلى ببطلان طلب النقض الذي تقدمت به النيابة العامة لعدم توقيع ممثلها على التصريح به ، قرار صادر بتاريخ 12 ديسمبر 1960 ، كما قررالمجلس الأعلى عدم قبول الطلب، لأن الطاعن حسب إفادة كاتب الضبط امتنع من توقيع تصريحه، و هو قرار عدد 744 بتاريخ 22/06/1972، ملف عدد 53659، و هي قرارات أشار إليها الأستاذ أحمد الخمليشي ، مرجع سابق ، هامش ص 342.
[66] - محمود نجيب حسني، " شرح قانون الإجراءات الجنائية وفق أحدث التعديلات التشريعية "، دار النهضة العربية للنشر والتوزيع، الطبعة الخامسة، مصر، الصفحة 1285 .
[68] - حمو مستور،" وجهة نظر حول إعادة النظر في أحكام المجلس الأعلى"، مقال منشور بمجلة المحاكم المغربية، عدد 115، ص 13 .
[70] - تنص الفقرة الثالثة من المادة 563 على ما يلي : " يجب في هذه الحالة على الطرف الذي يطلب إعادة النظر، ما عدا النيابة العامة أو الإدارات العمومية، أن يودع كفالة مالية مبلغها خمسة آلاف درهم، وذلك تحت طائلة عدم القبول."
[71] - تنص الفقرة السابعة من المادة 563 على ما يلي :" ويبت المجلس الأعلى في الطلب وفقا لمقتضيات المواد 539 وما بعدها إلى 557، مع مراعاة مقتضيات المادة 564 من هذا القانون ".
[73] - قرار رقم 1034 صادر بتاريخ 22/ 7/1997 ملف مدني ، منشور بقضاء بقضاء المجلس الأعلى عدد 57 و 58 ص 329 .
[81] - تنص الفقرة السادسة من المادة 563 على ما يلي :" يقدم طلب إعادة النظر من قبل الطرف المعني طبقا للفقرات 2 و 3 و 4 من المادة 528 أعلاه أو من قبل النيابة العامة بواسطة مذكرة توضع بكتابة ضبط المجلس الأعلى .
[83] - محمد شتا ابو سعيد،" البراءة في الأحكام الجنائية وأثرها على رفض الدعوى المدنية"، منشأة المعارف بالاسكندرية، الطبعة الاولى، سنة 1988، ص 6 .
[84] - تنص المادة 565 من ق م ج على ما يلي :" لا يفتح باب المراجعة إلا لتدارك خطأ في الوقائع تضرر منه شخص حكم عليه من أجل جناية أو جنحة .
لا تقبل المراجعة إلا عند انعدام أية طريقة أخرى من طرق الطعن"
[88] - تنص المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية المصري على ما يلي : " إذا حكم على المتهم في جريمة قتل ثم وجد المدعى قتله حيا "
1) للوكيل العام للملك لدى محكمة النقض؛ .
[91] - تنص الفقرة الأخيرة من المادة 567 من مشروع ق م ج على ما يلي : " يرجع حق طلب المراجعة في الحالة الرابعة المشار إليها في المادة 566 أعلاه إلى كل من رئيس النيابة العامة ووزير العدل" .
[96] - سناء المزوغي،" مسؤولية الدولة عن الخطأ القضائي"، بحث نهاية التمرين للملحقين القضائيين، 2012-2013، ص 9 .
تعليقات
إرسال تعليق