الإجهاض على ضوء الفقه الإسلامي و القانون الجنائي المغربي




الإجهاض على ضوء الفقه الإسلامي و القانون الجنائي المغربي 


مقدمة
   الإجهاض ظاهرة اجتماعية بالغة الخطورة و التعقيد، تجابه العالم بأسره يوميا فتؤدي سنويا بملايين الأحمال مع إزهاق أرواح الآلاف من النساء، ولمّا كان معلوماً أنّ الحفاظ على حقوق الناس وأنفسهم وأعراضهم من أكد الواجبات، فقد شرع الله تعالى نظاماً عظيماً فريداً، يكفل حمايتها من كل اعتداء، ويصون كرامتها، ويذود عن حرماتها، ويعمل على ديمومتها وبقائها..، وخصّ التشريع الجنائي بقدر كبير من الاهتمام والتفصيل، والحماية، والعناية منقطعة النظير، مما يجعله – بحق – تشريعاً مثالياً يفاخر به الفقه الإسلامي كل قوانين الدنيا وتشريعاتها.
   و عليه فإن الإجهاض أمر قد شاع و انتشر في كثير من بقاع العالم في العصر الحديث نتيجة إنتشار الزنا، و اللواط و الفواحش، و اضطراب القيم، و حياة القلق، و الكآبة التي زادت مع حضارة القرن الواحد و العشرين الزائفة، هذا و لم يرد في الشرع الإسلامي في حكم الإجهاض نص مباشر في دلالته و الذي ورد في كتاب الله عز و جل تحريم قتل النفس بغير حق فقال تعالى " وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا "[1]
   فقد تعرض المشرع الجنائي المغربي لجريمة الإجهاض و أفرد لها نصوص خاصة تتجلى في المواد من 449 إلى 458 من القانون الجنائي،[2] أما قبل صدور القانون الجنائي الحالي المطبق ابتداء من 17 يونيو 1963، فلم تكن ثمة نصوص تجرم الإجهاض صراحة إلا أن نية المشرع على ما يبدو كانت تسير في هذا الإتجاه و ذلك بعد إصداره ظهير 10 يوليوز 1939 الذي يعاقب على الدعاية و التحريض على التقليل من الإنجاب و التناسل.
   إن معالجة مشكلة الإجهاض لم تكن قاصرة على أهل الطب و القانون بل تناولها أصحاب المذاهب الفكرية و الأخلاقية و المشتغلون في علمي الإقتصاد و الإجتماع و تدور اليوم مناقشات في عدد البلدان حول إلغاء أو تعديل القوانين المحرمة أو المقيدة لعمليات الإجهاض، و يثور التعارض بهذا الصدد وجهات نظر متعددة فالنظرة الفلسفية تتردد بين تغليب حق الأم في رفض الأمومة، و حق الجنين في التكامل و الولادة، و حق المجتمع في النسل، و النظرة الأخلاقية التي تهتم بالجنين و التي تعني تورط المرأة لاسيما إذا كان الحمل نتيجة اغتصاب أو زنا محارم و غيرها، و ما إلى ذلك من آراء دينية و سياسية و سكانية و اقتصادية. 
   و من ذلك تبرز أهمية الموضوع الذي بين أيدينا من الناحية العلمية في كونه شكل موضوع خلافا بين مختلف التوجهات الفكرية منها الدينية و القانونية لدى مختلف التشريعات خصوصا إذا علمنا أن بعض الدول تتجه نحو إباحة هذا الفعل، و من الناحية العملية فإن الإجهاض في الآونة الأخيرة قد شاع و انتشر في كثير من بقاع العالم في العصر الحديث نتيجة أسباب متنوعة مما يخلق مشاكل كثيرة في الحد من هذه الظاهرة.


ü    المبحث الأول: ماهية الإجهاض وموقف الشريعة الاسلامية
          تعتبر ظاهرة الإجهاض ظاهرة مجتمعية، تختلف حدتها من مجتمع لأخر ،يتداخل فيها ما هو ديني بما هو حقوقي وما هو قانوني. وتتعدد تعريفات الإجهاض حسب  منظور كل متدخل في دراسته، من طب  وقانون ،وفقه ،وتشريع ودين، ولهذا سنحاول من خلال هذا المبحث  سنحاول أن نتطرق لماهية الإجهاض(المطلب الاول)، وموقف الشريعة الاسلامية منه (المطلب الثاني).
ü    المطلب الاول : ماهية الإجهاض
      تحتاج فكرة الإجهاض في تحديد ماهيته  إلي بيان تعريف الإجهاض من الناحية اللغوية و الاصطلاحية لا سيما من الناحية القانونية، التي قد تتفق أو تختلف مع تعريف الإجهاض عند أهل الطب، وتمييز الإجهاض عما يشابهه  من أفعال(الفقرة ألأولى) ،وكذلك محاولة التطرق لصوره (الفقرة الثانية).
ü    الفقرة لأولى: تعريف الإجهاض وتمييزه عن باقي الافعال المشابهة له
·       أولا : مفهوم الإجهاض
       أ- تعريف الإجهاض لغة
      مصدر الفعل اللازم جَهَضَ، يعني إسقاط الجنين قبل أوانه وإلقائه لغير تمام، يقال أجهَضَت الحامل ولا يصح أن يقال: ضربها فأجهضها لأنه فعل لازم. ويطلق على الحامل التي أسقطت حملها مُجْهَضْ. قال ابن فارس[3] :"الجيم والهاء والضاد أصل واحد وهو زوال الشيء عن مكانه بسرعة، يقال: أجهضنا فلانا عن الشيء إذ نجيناه عنه وغلبناه عليه، وأجهضت الناقة إذ ألقت ولدها فهي مجهض"[4]، وفي "تاج العروس" عن الغراء قال:" خُدَّج و خَدِيجْ وجِهْضُ وجَهِيضْ، وهو الولد السِّقْط أو ما تم خلقه ونفخ فيه روحه من غير أن يعيش" ، وقال أبو زيد[5]:"يقال للناقة إذا ألقت ولدها قبل أن يستبين خلقه قد أسلت وأجهضت، ورجعت رجاعا فهي مجهض والجمع مجاهيض"[6] ، قال الازهري : "يقال ذلك للناقة خاصة"[7].
وقد خص مجمع اللغة الإجهاض بخروج الجنين من الرحم قبل الشهر الرابع، وما بعد ذلك وهو إلقاء المرأة جنينها بين الشهر الرابع والسابع فخصه باسم الإسقاط[8].والإسقاط من سقط بمعنى وقع، يقال: سقط الولد من بطن أمه، ولا يقال: وقع حين تلد، وأسقطت المرأة ولدها إسقاطا وهي مسقط :ألقته لغير تمام ، من السقوط والسقط، وأسقطت الناقة وغيرها: إذا ألقت ولدها[9].
وهناك ألفاظ تستعمل بمعنى الإجهاض كالإلقاء، الطرح، الإنزال، الإملاص ،الإزلاق  ،الأملاق والإملاط........
ب-الإجهاض في الاصطلاح
1- تعريفه في الطب الشرعي والطب
يعرف الطب الشرعي الإجهاض بأنه "طرد محتويات الرحم الحامل قبل اكتمال نمو الجنين، ويعتبر الجنين كامل النمو بعد نهاية  الأسبوع السابع والثلاثين، معتبرين بداية العد من أول يوم في أخر حيضة طبيعية"[10] .أو كما عرف البعض بأنه لفظ أو احتمالية لفظ مكونات الحامل قبل حيوية الجنبين، وحيوية الجنين تعني استطاعته الحياة المستقلة خارج الرحم، إذا توفر الوسط المناسب كما اعتبر علم التوليد أن الجنين إذا لفظ بعد عمر الحيوية 22 أسبوع، وقبل اكتمال نموه 37 أسبوع مكتملة ولادة مبكرة وليس إجهاضا.
كما عرف بعض علماء الطب الشرعي الإجهاض عل أنه: «تفريغ رحم الحامل من محتوياته باستعمال وسائل صناعية كإدخال آلة أو تعاطي أدوية أو عقاقير غيرها من شأنها إخراج متحصلاته في أي وقت قبل تـكامل الأشهر الرحمية، ولأي سبب غير إنقاذ حياة ألأم أو الجنين"[11].ويرى البعض أنه عمليا يجب توقف الإجهاض تماما بعد الأسبوع العشرين من بداية الحمل ،لأنه بعد ذلك تعتبر ولادة لا يجوز وصف الفعل هنا بأنه إجهاض، طالما أن الجنين داخل مرحلة القابلية للحياة، وأصبح بمقدوره أن يعيش خارج الرحم. ويحدث ذلك بعد مرور عشرين أسبوعا من بدء الحمل.
ولقد عرف البعض الإجهاض بأنه: "خروج محتويات الرحم قبل أثنين وعشرين أسبوع من آخر حيضه حاضتها المرأة، أو عشرين أسبوع من لحظة تلقيح البويضة بالحيوان المنوي"[12].
ويقرر البعض أن الرأي الغالب في معظم الدول هو إنهاء الحمل قبل الأسبوع الثامن والعشرين أي في السبعة أشهر ألأولى من بداية الحمل، في حين أن البعض يتجه إلى قصر مفهوم الإجهاض، على انتهاء الحمل خلال الستة أشهر ألأولى فقط بدلا من التسعة أشهر، وأن ما يحدث بعد ذلك هو عملية ولادة سابقة لأوانها ولا يجوز باي حال من الأحوال وصفها بأنها إجهاض [13]، ويعرف الاجهاض في قاموس المصطلحات الطبية بأنه: "خروج محصول الحمل قبل تمام تكوينه، أي قبل الشهر السادس من بدء الحمل ففي هذا الوقت المبكر من الحمل لا يستطيع الجنين أن يعيش خارج الرحم. وتحدث معظم حالات الإجهاض في الأسابيع الاثني عشر الاولى، خاصة في أوقات الحيض الفائتة "،كما يمكن تعريف الاجهاض طبيا بأنه انقطاع أو توقف مسبق لفترة الحمل، وفي التداول العام تستعمل كلمة إجهاض كمرادف لأي انقطاع إرادي في فترة الحمل. في حين أن عبارة "فقدان الجنين " تشير إلى إجهاض عفوي غير مقصود، وعليه نعني بالإجهاض الطبي كل انقطاع عن الحمل سببه دواعي صحية[14].
2-تعريف الإجهاض فقها وقانونا
عرف بعض الفقه الإجهاض بكونه «إخراج الحمل من الرحم في غير موعده الطبيعي عمدا وبلا ضرورة بأي وسيلة من الوسائل"[15]،كما عرفه البعض الأخر بأنه إنهاء حالة الحمل عمدا وبلا ضرورة قبل الأوان ،سواء بإعدام الجنين داخل الرحم أو بإخراجه منه-ولوحيا- قبل الموعد الطبيعي لولادته[16]،والموعد الغير الطبيعي للولادة يمتد إلى ما قبل نهاية الشهر التاسع من بداية الحمل بأسبوعين، عندها  تبدأ آلام  الحمل أو يتوقع أن تبدأ عادة ،فما كان بعد ذلك بعد ثمانية أشهر ونصف فليس جناية  إجهاض، ويخرج من هذا التعريف الاجهاض الطبيعي التلقائي الذي يسمونه أيضا :الولادة قبل الأوان،         وعرفه الفقيه الانجليزي سير وليام"  أن الإجهاض  هو تدمير متعمد للجنين في الرحم ، أو أي ولادة سابقة لأوانها بقصد إماتة الجنين  "[17]  .
 أما مفهوم الإجهاض في القانون فإن التشريع المغربي لم يضع تعريف للإجهاض، شأنه شأن باقي بعض التشريعات العربية كالمصري والاردني والجزائري، عكس القانون الالماني الذي عرف الإجهاض :"بأنه قتل الجنين في الرحم  "  ،كما يعرف أيضا في مجال القانون على أنه: إخراج الجنين عمدا من الرحم قبل الموعد الطبيعي لولادته، باي وسيلة من الوسائل في غير الحالات التي يسمح بها القانون، ويقوم على أركان ثلاثة: وجود حمل ووجود الفعل الموجب للإجهاض، ووجود القصد الجنائي [18] .
بناء على هذه التعاريف يمكن القول أن الإجهاض هو إخراج محتويات الرحم الناتجة عن التلقيح قبل أوان ولادته الطبيعية أو قتله داخل رحم أمه، وبهذا ينسجم التعريف مع النظرة العلمية الحديثة التي تحدد بداية حياة الجنين من لحظة التلقيح إلى ولادته الطبيعية.
ويتفق التعريف الفقهي للإجهاض مع التعريف القانوني له في معظم أركانه، وإن كان يختلف عنه في أنه إذا سقط الجنين حيا، ولم يمت فلا تقوم بذلك جريمة الإجهاض في الفقه الاسلامي، لا نه لم يقع بعد اعتداء على حياة الجنين في حين انه وفقا للرأي الراجح في التعريف القانوني فإن جريمة الإجهاض تعتبر متحققة، حتى ولو سقط الجنين حيا وعاش بعد ذلك على أساس أن غاية السقط هي إزالة كل أثر للحمل[19].
ثانيا : تمييزه عن باقي الأفعال المشابهة له
 تتشابه بعض الافعال مع جريمة الإجهاض ،كجريمة منع الحمل(أ)،وجريمة الولادة قبل الأوان(ب)،وجريمة القتل(ت)،لهذا سنتطرق لكل جريمة على حدى لتوضيح الفروقات بينها وبين الإجهاض.
     -أ- الإجهاض ومنع الحمل
يقصد بمنع الحمل هو الحيلولة بوسيلة ما دون حصول الحمل عند المرأة، وعليه فإن منع الحمل قبل حدوثه لا يكون إجهاضا غير أنه إذا تم بعملية جراحية نجمت عنها أضرار وإصابات بالمجني عليه ، كالعقم الدائم الذي يجعل صاحبه غير صالح للإنجاب عندها يعد الفاعل مرتكباً لجناية العاهة المستديمة ولا عبرة برضا المجني عليه،  فالفرض هنا عدم وجود حمل ، وأن تلك الوسائل ينحصر عملها ووظيفتها في الحيلولة دون حدوث الحمل وعليه فان بدء الحمل هو النقطة الفاصلة بين اعتبار الوسيلة التي أمامنا وسيلة للإجهاض أو وسيلة لمنع الحمل ،أما الإجهاض فهو إنهاء الحمل قبل الموعد الطبيعي للولادة وفي الإجهاض يفترض وجود حمل ، ثم إنهاء نموه وتطوره ، فإذا لم يوجد حمل – فلا مجال للقول بحدوث الإجهاض, وبما أن الإجهاض ومنع الحمل يتدخلان عند نقطة هامة وهي بداية الحمل حيث يوجد اتجاهات في تحديد بدء الحمل.


  - الاتجاه  الاول:
    يرى بأن الحمل يبدأ من لحظة اللقاح أي التقاء البويضة بالحيوان المنوي ، فمنذ هذه اللحظة يصبح للبويضة الملقحة حرمة بحيث أن أي اعتداء عليها يعتبر إسقاطا للحمل.
  -الاتجاه الثاني:
    يرى أن الحمل يبدأ بتمام زراعة البويضة الملقحة في جدار الرحم أما الفترة ما بين التلقيح والزراعة فلا يكون هنالك حالة حمل .
إذن فالرأي الأول يرى أن الحمل يبدأ بمجرد التلقيح أما الثاني يقرر أن الحمل يبدأ بعد عملية زراعة البويضة الملقحة بجدار الرحم.
     فإذا علمنا أن اكثر الوسائل المستعملة لمنع الحمل ، تؤدي عملها بوجه عام إما بمنع التقاء السائل المنوي بالبويضة ، أو حتى بإعاقة خروج البويضة من المبيض أو عن طريق وقف السائل المنوي حتى لا يصل إلى البويضة ، فمثل تلك الوسائل لا تثير أي مشاكل، لذلك نجد أنه لا يوجد أي بويضة مخصبة ، وبالتالي فانه لا يوجد حمل سوءا بناء على الرأي الأول أو على الرأي الثاني ومن ثم فلا يوجد علاقة بين الإجهاض ومنع الحمل، ومن هنا يتبين لنا أن استعمال وسائل منع الحمل بحسب التشريع المغربي وأغلب التشريعات الحديثة يعد عملا مباحاً يخرج من دائرة التجريم [20]، بل أن استعمالها في بعض الظروف يكون مطلبا اجتماعيا واقتصاديا في سعي الدولة نحو تنظيم النسل.
-ب- الإجهاض والولادة قبل الأوان
   إن الولادة قبل الأوان، هي ولادة الطفل قبل بلوغ أعضائه تطورها الكامل، أي قبل انقضاء الفترة الضرورية لهذا البلوغ في رحم أمه، والتي تقدر بحوالي تسعة أشهر ،ومن علامات الولادة قبل الأوان أن يكون جلد الطفل رقيقا مائلا إلى الحمرة، وعظامه رقيقة ولينة وتنفسه سطحيا، وصراخه ضعيفا وحركاته على العموم بطيئة، وتعود في الغالب الولادة قبل الاوان إلى أسباب صحية، واخرى تتعلق بنمط العيش ككثرة التنقل، والوقوف الطويل، ونقص في التغذية....وتحدث الولادة قبل الاوان عادة ما
بين الاسبوع الثامن والعشرين والخامس والثلاثين من الحمل، أو بالأحرى بين الشهر السابع والشهر الثامن من الحمل، لأن ولادة الجنين قبل الشهر السابع، تعد اجهاضا وليس ولادة قبل الاوان، ولا يكون الجنين فيها قابلا للعيش بتاتا.[21]

-ج- الاجهاض وجريمة القتل
   تختلف جريمة الإجهاض عن جريمة القتل في أن المجني عليه في الجريمة الأولى هو الجنين بينما في الجريمة الثانية فان المجني عليه هو إنسان حي ، إذ الاختلاف هنا في محل الحماية الجنائية حيث أن الإجهاض يستهدف إزهاق روح الجنين قبل الموعد الطبيعي للولادة في حين يستهدف القتل إزهاق روح إنسان حي. وتختلف نظرة التشريع المغربي، ومعظم التشريعات إلى كل من الجنين والإنسان .وتبعاً لذلك يختلف نطاق الحماية الجنائية التي يقررها المشرع الجنائي لكل من هما ،وذلك على النحو التالي[22]  :
أولا: يحمي المشرع الجنين بالنصوص التي تعاقب على الاجهاض، ولكنه يحمي الإنسان بالنصوص التي تعاقب على القتل والضرب والجرح.
ثانيا: وازن المشرع بين حياة الجنين، وحياة الإنسان، فرجح الثانية على الأولى، ويتضح ذلك عند التنازع بينهم ،طبقا لمبدأ "التضحية بالحق ذي القيمة الاقل، إنقاذا للحق ذي القيمة الأكبر"، نجد أن المشرع ينص صراحة على جواز وإباحة التضحية بحياة الجنين، إنقاذا لحياة الحامل. فهو يرى أن حياة الجنين تتميز بأنها مستقبلة احتمالية، في حين أن حياة الإنسان يقينية.
وهذا الاختلاف بين نوعي الحياة، يؤدي بالضرورة إلى تفاوت القيمة القانونية لكل منهما، وبالتالي اختلاف، مدى الحماية الجنائية لكل منهما.
ثالثا : نجد أن المشرع يعاقب على قتل الإنسان ،عمدا أو خطأ، في حين أنه لا  يعاقب على الإجهاض إلا إذ كان عمدا .
رابعا :يعاقب القانون المغربي الشروع في القتل، كما هو الحال في الإجهاض، والراجح في الفقه أن الحياة الانسانية تبدأ منذ ابتداء عملية الولادة فلا يشترط أن يخرج الطفل إنما يكفي أن تبدأ الام الوضع الطبيعي حتى يصبح هذا الكائن الحي خارج نطاق جريمة الاجهاض، ويكون مشمولا بحماية النصوص التي تعاقب على القتل أو التي تعاقب على قتل الاطفال حديثي الولادة ويرى فقهاء الاسلام أن نهاية سريان أحكام الحماية المقررة للجنين تنتهي بتمام عملية الولادة، وذلك لقوله تعالى: "هو أخرجكم من الأرض وإذا انتم أجنة في بطون أمهاتكم"[23]، وقوله تعالى :"ثم يخرجكم طفلا"[24] ،وهذا الاخراج يعني الانفصال التام، ويدعى المنفصل طفلا إذا خرج حيا، ونخلص مما سلف أن جريمة الإجهاض لا تقع إلا على جنين لم ينفصل بعد عن الرحم، بينما جريمة القتل لا تقع إلا على إنسان اجتاز مرحلة الجنين وانفصل عن الرحم.
الفقرة الثانية : صور الإجهاض
    قسم رجال الطب الشرعي الإجهاض ومن بعدهم رجال القانون الجنائي الإجهاض إلى عدة أنواع حجيتهم في هذا التقسيم إما على المصدر الذي حدث منه الإجهاض، وإما على القصد من ورائه.
فالإجهاض قد يكون تلقائيا  (أولا)، او علاجيا (ثانيا) أو جنائيا (ثالث) .
أولا : الإجهاض التلقائي
   وهو إجهاض طبيعي أو عفوي دون أي تدخل خارجي، يحصل إثر حالات مرضية تصيب الحامل فتنهكها ،وتضعف مقاومتها الجسمية  أو تنتاب الجهاز التناسلي  أو الجنين أو كليهما، ومن هذه الأمراض السفلس والحمى والامراض العفنة والجرثومية الأخرى ولا سيما تلك التي تؤدي إلى تعفن دموي أو تسمم، فقد قرر الاطباء أن نسبة كبيرة من الأجنة المجهضة تلقائيا مشوهة[25]، وأن حوالي % 10 من حالات الحمل يحدث إجهاض بدون  أي تدخل خارجي، ويكون سبب ذلك إما لخلل في الحمل ذاته، أو   لأسباب مرضية للمرأة الحامل، وقد يحصل الإسقاط أحيانا بعد الفزع، وأغلب الحالات تكون في الشهرين الأولين من الحمل[26].
ثانيا :الإجهاض العلاجي
     والمقصود منه الإجهاض في الحالات التي دعت الضرورة إليها لإسقاط الجنين لأغراض صحية وفي بعض الأحوال يكون إجهاض الأم هو السبيل الوحيد لإنقاذ حياتها، عندما يشكل استمرار الحمل أو الولادة ،خطر على حياة الأم، وهذا النوع من الإجهاض  غير مخالف للشرع أو القانون[27].
ومن الآفات التي تستدعي الإجهاض العلاجي:
-أمراض القلب: فالحمل يزيد من عبئ القلب، ويتطلب منه جهدا يبلغ ضعفي الجهد المبذول في الحالة العادية، بحيث يظهر ضعف القلب عند نهاية  الحمل، أو عند الوضع .
-أمراض السرطان: يرافق نشاط الحمل بعض الحالات السرطانية التي ثبت علاقتها بالإفراز الهرموني كسرطان الثدي أو الغدة اللعابية، وابيضاض الدم.
وهناك أمراض أخرى قد تؤثر على الوظائف الحيوية للجسم، وقد يؤدي ازديادها بالحمل إلى الخطر ومنها : التهاب الكبد المزمن ،القصور الكلوي الحاد ، السل الرئوي .
إلا أن التقدم الطبي قد تمكن من تقليص الحاجة إلى الإجهاض لإنقاذ حياة ألأم ،حيث يلجأ الطبيب إلى تحريض الولادة  أو إجراء عملية قيصرية، ينقذ بها الأم والجنين [28].
ويقول الدكتور : "ولا أعلم ان هناك من الأمراض ما يجعل هلاك الأم محققا إذ هي استمرت في الحمل ، إلا حالة واحدة، وهي تسمم  الحمل وحتى في هذه الحالة لا يحتاج الطبيب إلى قتل الجنين ،بل إلى إجراء قبل الأوان، إما بحقن الأم بمادة الإلسيتوسين أو البروستاجلاندين أو بعملية قيصرية وفي غالب الحالات تسلم ألأم ويسلم وليدها معها "[29].
ثالثا : الإجهاض الجنائي
   عرفه الطب الشرعي بانه :"هو إخراج متحصلات الرحم من المرأة الحامل ،بأي طريقة كانت ،ولأي سبب غير حفظ حياة الأم وفي وقت قبل تمام أشهر الحمل"[30]. والإجهاض الجنائي من الناحية الطبية هو "القيام بأفعال تؤدي إلى انهاء حالة الحمل لدى المرأة قبل الوضع الطبيعي"  ،أما من الناحية القانونية فالإجهاض الجنائي هو تعبير حقوقي لجرم اجتماعي يمثل فعلا غير شرعي.
وقد عاقبت القوانين العامة والخاصة مرتكب فعل الإجهاض الجنائي، وشددت بعض القوانين الجزائية العقوبة إذا كان الفاعل طبيبا. ونجد كذلك ان القوانين الخاصة بمزاولة الطب ،وكذلك التشريعات الطبية في غالبية دول العالم، قد حظرت على الاطباء إجراء عملية الاجهاض إلا في حالات استثنائية كإنقاذ حياة اللأم[31].وسمي هذا النوع من الإجهاض بالإجهاض الجنائي، لأن الأم جنت على جنينها به، وعلى نفسها، وعرضت نفسها للمسائلة القانونية، لأن رضى الحامل لا يعد سببا لإباحة الاجهاض.
وتعليل ذلك أن الحق التي تحميه نصوص الإجهاض، ليس للأم حتى يكون لرضائها الأثر المبيح، وإنما هو للجنين، ومن ثم ليس لها التصرف بحق غير ذات صفة للتصرف فيه[32].
المطلب الثاني : الإجهاض على ضوء الفقه الاسلامي
  سيتم التطرق في هذا المطلب الى موقف الفقه الاسلامي بخصوص الإجهاض ( الفقرة الأولى)، ثم عن عقوبة الاجهاض في التشريع الاسلامي ( الفقرة الثانية) .
ü    الفقرة الأولى : موقف الفقه الاسلامي بخصوص الإجهاض
يختلف حكم الإجهاض عند الفقهاء باختلاف المرحلة التي وصل إليها الجنين في بطن أمه ، وهي حسبهم مرحلتان : مرحلة ما قبل نفخ الروح (أولا) ، مرحلة ما بعد نفخ الروح (ثانيا).
·       أولا: مرحلة ما قبل نفخ الروح
 وقع اختلاف كبير بين الفقهاء، وتباينت مواقفهم بخصوص إسقاط الجنين قبل إتمام أربعة أشهر، ومرد هذا الاختلاف يرجع إلى عدم ذكر نص صريح في القرآن أو السنة بشأن الإجهاض ، سوى ما ورد عن مراحل تخلق الجنين ، وفي هذا الصدد سيتم عرض وجهة نظر المذاهب الفقهية :
1.    مذهب المالكية : يذهب فقهاء المالكية إلى القول بأنه لا يجوز الإجهاض مطلقا سواء للضرورة أو لغيرها، وبه قال ابن الجوزي من الحنابلة ، والغزالي من الشافعية . باستثناء ما إذا كان في بقاء الولد في بطن أمه خطر عليها ، بحيث يفضي بها إلى الموت الكلي وهو الوفاة ، أو إلى الموت الجزئي مثل شلل الأطراف ، أو عاهة مستديمة ، وذلك بشهادة أهل الصدق والثقة و الأمانة من الأطباء ، وفي هذه الحالة فقط يجوز الاجهاض انقاذا لحياة الأم من الهلاك الكلي أو الجزئي ، لأن الأمر عندئذ يدخل في إطار الأولويات ، والشرع يقدم الحفاظ على حياة المرأة لأنها متحققة وواقعة ، ويضحي بحياة الجنين لأنها موهومة ومتوقعة[33].
2.    مذهب الجمهور من الشافعية و الحنفية والحنابلة : اتفقوا على أن الاجهاض قبل مرحلة نفخ الروح جائز واختلفوا في السبب ، فجمهور المذهب الحنفي اعتبروا أن الاجهاض قبل نفخ الروح مباح؛ إذا كان ذلك بإذن صاحبي الحق ؛ وهما الزوج والزوجة ، ويذكر الفقيه ابن عابدين : " أن فقهاء المذهب قالوا: يباح لها في استنزال الدم مادام الحمل مضغة ؛ أو علقة لم يخلق له عضو ؛ وقدروا تلك المدة بمائة وعشرين يوما ؛وإنما أباحوا ذلك لأنه ليس بآدمي"[34].
ويجب الإشارة ،إلى أنه في مرحلة التخلق والتي تبدأ بعد الأربعين يوما من التلقيح إلى مائة وعشرين يوما ، يتم في هذه المرحلة تشكل أعضاء الجنين ويتكون قلبه، حيث ذهب فقهاء الحنفية  إلى جواز إسقاط الجنين قبل التخلق ، إلا أن عبارات الكثير منهم تشير إلى أن ظهور التخلق في الجنين يدل على سبق نفخ الروح ولا يكون إلا بعد المائة والعشرين يوما ، قال ابن الهمام : يباح الإسقاط مالم يتخلق منه شيء ، وفي موضع آخر قال : ولا يكون إلا بعد مائة وعشرين يوما [35].
ثانيا: مرحلة ما بعد نفخ الروح
  قد أجمع الفقهاء على تحريم الاجهاض في مرحلة ما بعد نفخ الروح ، وهي مرحلة ما بعد تمام الأسابيع الستة الأولى ، باستثناء ما إذا كان بقاء الولد في بطن أمه يفضي بها إلى الموت الكلي وهو الوفاة ، أو إلى الموت الجزئي مثل شلل الأطراف ، أو عاهة مستديمة .[36]
ففقهاء المالكية قالوا بمنع الإجهاض مطلقا قبل نفخ الروح وبعده، إلا أنهم قالوا: الإجهاض بعد نفخ الروح أشد تحريما من الإجهاض قبله [37]، فقد قال محمد عليش المالكي :وإذا نفخت فيه الروح حرم إجماعا [38].
ونقل الإجماع على حرمته بعد نفخ الروح في الفقه الإسلامي وأدلته فقال : اتفق العلماء على تحريم الإجهاض دون عذر لأنه إزهاق نفس وقتل إنسان ، وقد قال القرضاوي في كتابه الحلال والحرام : اتفق الفقهاء على أن إسقاطه بعد نفخ الروح فيه حرام وجريمة ولا يحل للمسلم أن يفعله لأنه جريمة على حي متكامل الخلق ظاهر الحياة [39].
ويرجع ذلك، إلى أن الجنين يصير نفسا آدمية يحرم قتلها بغير سبب شرعي ؛ والأسباب الشرعية لإهدار حق الحياة لا يتناول شيء منها الجنين ؛فلا يتصور قيام أي سبب يقتضي إباحة الإجهاض في هذه المرحلة [40].
والأصل فيما ذهب إليه الفقهاء أن قتل النفس لا يحتمل الإباحة بحال من الأحوال[41]لقوله عز وجل:" ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق"[42].
  وخلاصة القول، فإن فقهاء الشريعة الإسلامية اختلفوا حول حكم الإجهاض بحسب المرحلة التي عليها الجنين في بطن أمه، حيث أن  هناك فريقا منهم لا يجيز إسقاط الجنين في أي مرحلة من مراحله ، فيما يرى فريق عدم جواز الإسقاط بعد التخلق لأنه اعتداء على مخلوق سيصبح نفسا آدمية ، وهناك من قرر الجواز في هذه المرحلة أي بعد التخلق شريطة إذا كانت هناك ضرورة تفرض ذلك كالحالة التي سيشكل فيها بقاء الجنين في بطن أمه خطرا عليها .

ü    الفقرة الثانية: عقوبة الإجهاض في الفقه الإسلامي
   إن حياة الجنين في نظر الشريعة حياة محترمة باعتباره كائنا حيا يجب المحافظة عليه و من هنا حرمت الشريعة الإسلامية الإعتداء عليه و لو كان الإعتداء من أبويه بل و لو كان ذلك من من أمه التي حملته وهنا على وهن. و من ذلك إعتبرت الشريعة الإسلامية الإجهاض من دون عذر جناية مع باقي الجنايات فيما يترتب عليها من عقوبات كالغرة و التعزير و الكفارة و الحرمان من الميراث و هذا ما سنحاول معالجته في هذه الفقرة بنوع من التفصيل.
·       أولا: الغرة
   الغرة بضم الغين و تشديد الراء هي خيار المال و أفضله، و أنفس شئ يملكه الإنسان، و الفرس غرة مال الرجل و سمي الواجب في الجنين غرة لأنه مقدر في باب الدية.[43]
   و الغرة شرعا هي اسم العبد أو أمة أو فرس، يعد نصف عشر الدية الكاملة، و يمكن تعريفها بأنها مبلغ مالي يعادل ثمن غُرّة ، عبد أو أمة أو فرس أو نحوها، يدفع لورثة الجنين حالة الإعتداء عليه بالقتل أو الإسقاط قبل الأوان، فيمكن القول أنها دية خاصة في ظروف خاصة، تلك الظروف التي ترتكب فيها جناية الإجهاض قبل تمام الوقت الذي يمكن أن يعيش فيه الجنين.[44]
   و قد ثبثت مشروعية الغرة في السنة النبوية الشريفة و كذلك إجماع الصحابة رضوان الله عليهم في وجوب الغرة في الجنين الذي يسقط من جناية الإجهاض.
    عن أبي هريرة رضي الله عنه أن امرأتين من هذيل رمت إحداهما الأخرى فطرحت جنينها، فقضى فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم بغرة عبد أو وليدة و عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قضى في الجنين يقتل في بطن أمه بغرة عبد أو وليدة، فقال الذي قضى عليه: كيف أغرم ما لا شرب، و لا أكل، و لا نطق، و لا استهل؟ مثل ذلك يطل، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إنما هذا من إخوان الكهان".[45]
   و القول بوجوب الغرة في جناية الإجهاض هو إستحسان يؤخذ في مقابل قواعد عامة قياسية تقتضي وجوب الدية الكاملة، بسبب الشك و عدم اليقين بأن النتيجة الإجرامية نجمت عن العدوان، فاقتضت هذه الشبهة التخفيف من الدية الكاملة إلى الغرة، إضافة أن الجنين قبل إكتمال المرحلة التي يكتسب فيها الص الإنسانية لذا فإن ديته من نوع خاص.[46]
   و بخصوص مستحق الغرة ففي ذلك مذهبان الأول الذي يقول بأن الغرة موروثة لورثة الجنين على فرائض الله تعالى، لا يرث فيها قاتل، و لا رقيق، لقيام المنع و هو القتل أو الرق و إلى ذلك ذهب الحنفية و المالكية و الشافعية و الحنابلة و الظاهرية عند تجاوز الجنين مائة و عشرين ليلة                                                                         أما المذهب الثاني و الذي يقول أن الغرة لأم الجنين، إذا لم يتجاوز مائة و عشرين ليلة و إلى ذلك ذهب الظاهرية و الليث بن سعد.[47]
   كما إختلف العلماء بخصوص من تجب عليه الغرة و غي ذلك مذهبين:                       المذهب الأول الغرة واجبة على العاقلة، و المقصود بالعاقلة هي العصبة و الأقارب من قبل الأب الذين يعطون دية قتيل الخطأ و هي صفة جماعة عاقلة، و هو مدهب الحنفية و المالكية، إذا بلغت ثلث الدية فأكثر، و الشافعية على الصحيح من أحد قولهم، و الحنابلة غي الخطأ، و شبه العمد إذا مات الجنين مع أمه أو بعدها بجناية واحدة، أو أسقط حيا ثم مات     المذهب الثاني : الغرة واجبة على الجاني، و هو المشهور عند المالكية، و قول مذهب الشافعية و الحنابلة، و إن كان قتل الأم عمدا، أو مات الجنين وحده.[48] 
ثانيا: الكفارة
   يمكن تعريف الكفارة بأنها العقوبة المقررة على المعصية بصورة مخصوصة بقصد التكفير عن إرتكابها و الكفارة أقرب إلى العبادات و القربات، لذا لا تصح إلا بالنية، و إن مان فيها معنى الزجر و العقوبة بسبب إرتكاب المعاصي، فهي دائرة بين العقوبة و العبادة، لذا صح تسميتها عقوبة تعبدية.[49]
 و بذلك أوجب الله سبحانه على من قتل مؤمنا خطأ كفارة، فقال تعالى "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً ۚ وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلَّا أَن يَصَّدَّقُوا ۚ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ ۖ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ ۖ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا".[50]
   و قد أجمع العلماء على وجوب الكفارة في قتل الخطأ و تجب في شبه العمد عند من يقول به و لا تجب في العمد عند الجمهور، و اختلف العلماء في وجوب الكفارة في الإجهاض، و الإجهاض من حيث الكفارة لا يخلو من حالتين                                                   الحالة الأول : أن يجهض الجنين حيا ثم يموت، بحيث تثبت حياته بالاستهلال أو غيره من العلامات الدالة على الحياة فقد أجمع العلماء على وجوب الكفارة. قال ابن عبد البر رحمه الله " و كذلك أجمعوا إذا خرج حيا  ثم مات من ضرب بطن أمه، أن فيه الدية كاملة.. و على ضارب بطن أمه مع ذلك الكفارة، هذا كله لم يختلف فيه" و دليلهم قوله تعالى " و من قتل مؤمنا خطئا فتحرير رقبة مؤمنة و دية مسلمة إلى أهله "  و بالتالي فإن الجاني قد أتلف آدميا خطئا أو شبه عمد فتجب عليه الكفارة.                                                      و أما  الحالة الثانية: و هي ما إذا  أجهض الجنين ميتا سواء نفخت فيه الروح أم لا و قد اختلف العلماء غي وجوب الكفارة في هذه الحالة ، و ذكر ابن رشد  رحمه الله أن سبب الخلاف في الكفارة هو تردد القتل بين العمد و الخطأ فقال: "و من الواجب الذي اختلفوا فيه في الجنين مع وجوب الغرة وجوب الكفارة ، فذهب الشافعي إلى ان فيه  في الجنين مع وجوب الغرة وجوب الكفارة ، فذهب الشافعي إلى أن فيه الكفارة واجبة و ذهب أبو حنيفة  إلى أنه ليس فيه كفارة ، و استحسنها مالك و لم يوجبها، فأما الشافعي فإنه أوجبها لأن الكفارة عنده  واجبة في العمد و الخطأ، و أما أبو حنيفة فإنه غلب عليه حكم العمد، و الكفارة لا تجب عنده  في العمد و تجب في الخطأ، و كان هذا مترددا عنده بين العمد و الخطأ، استحسن فيه الكفارة و لم يوجبها" 
الحرمان من الميراث
ذهب الفقهاء إلى أن القاتل يحرم من الميراث، ولا يُجازي بفعلته الشنيعة- ان كانت دون   
حق – بشيءٍ من تركة المقتول، مصداقاً لقول حبيبنا المصطفى صلى االله تعالى عليه وسلم: "ليس للقاتل ميراث". وعليه إذا اقترف احد الورثة جريمة الإجهاض بحق الجنين فانه لا يرث شيئاً من ديته او من الغُرّة، او من باقي الحقوق المحفوظة للجنين في الشرع الإسلامي، وهذا الحكم يشمل الأُم والأب وكافة الورثة، إلا ما كان في حالة الضرورة التي نظّم أحكامها ديننا الإسلامي الحنيف، وهي حالة تهديد حياة الأم بخطر محقق، مقرر من قبل أطباء ثقات مختصّين.[51]
التعزير
التعزير لغةً: هو التأديب، والمنع، والردع عن القبيح، وشرعاً: هو تأديب الجاني - من    
قِبل الإمام أو نائبه –لارتكابه محظورات شرعية لم تُشرع فيها الحدود، ولم توضع لها عقوبة مقدّرة فالتعزير في مفهوم الشرع ينبسط على عامة العقوبات الرادعة، التي يُقصد بها التأديب والزجر عن اقتراف كافة المعاصي والخطايا التي ليس لها تقدير محدد في الشرع وذلك إنما يكون في غير جرائم الحدود والقصاص، أو في حالة امتناع عقوبات تلك الجرائم او العامة. وإذا علمنا أن الإجهاض جناية محظورة، فيها اعتداءُ على روح إنسانية، وخِلْقةٍ ربانية، وتهديدٌ لنسل الأُمة الإسلامية، وانتهاكٌ لحقوق الجماعة والأفراد، فان التعزير على هذه الفِعلة امرٌ مشروع، حسبما يراه القاضي المسلم وأهل القرار؛ بالجلد أو الحبس أو التوبيخ أو الإبعاد أو السجن أو الغرامة أو الفصل من الوظيفة او فرض الإقامة الجبرية، وغيرها من العقوبات التي ثبت لها أصل في التشريع الجنائي الإسلامي.                       والتعزير مشروع حالة اكتمال جريمة الإجهاض، أو حالة التسبب في ارتكابها، او الاشتراك في اقترافها، أو الشروع في مقدماتها، في حين ان القوانين الوضعية مازالت متخبّطةً في تجريم الإجهاض ذاته، أو الشروع فيه، بل إن بعضها يبيحه ويشجع عليه.[52]
ü    المبحث الثاني: الإجهاض في التشريع المغربي و الواقع العملي
سنتناول في هذا المبحث تحليل جريمة الإجهاض في التشريع الجنائي المغربي ( المطلب الاول)، نبين فيه أركان هذه الجريمة ( في فقرة أولى)، ثم نحدد عقوبتها ( في فقرة ثانية)، على أن نعرج بعدها إلى بيان الواقع العملي ( المطلب الثاني).
ü    المطلب الأول: الإجهاض في التشريع الجنائي المغربي
      لقد تناول المشرع الجنائي المغربي جريمة الإجهاض بالتنظيم من خلال الفصول من 449 إلى 458 من القانون الجنائي، حيث حدد فيها الحالات الموجبة للعقاب سواء كفاعل أصلي أو كمشارك أو كمساهم في الجريمة، كما بين حالات الإباحة التي يصبح فيها هذا الفعل الجرمي مباحا غير معاقبا عليه، و بالتالي سنعمل قبل تحليل النصوص القانونية المنظمة لهذه الجريمة على تحديد أركانها القانونية ( في فقرة أولى) لنتطرف بعدها بالدراسة و التحليل العقوبات المخصصة لكل حالة على حدة، و أسباب الإباحة ( في فقرة ثانية).
ü    الفقرة الأولى: أركان جريمة الإجهاض
ينص الفصل 449 من مجموعة القانون الجنائي على انه"من اجهض أو حاول إجهاض امرأة حبلى أو يضن انها كذلك، برضاها او بدونه سواء كان ذلك بواسطة طعام او شراب او عقاقير او تحايل او عنف او اية وسيلة اخرى..."
  يستفاد من خلال مضامين هذا الفصل ان لجريمة الاجهاض عدة عناصر و هي كالتالي:
·       أولا: الركن القانوني
     يقصد بهذا الركن، وجود نص قانوني جنائي يجرم الاجهاض و يعاقب عليه، طبقا لقاعدة، لا عقوبة و لا جريمة الا بنص، و هذا الركن في جريمة الاجهاض نجده في اطار الفصول من 449 الى 458 من الفرع الاول المتعلق بالاجهاض، من الباب الثامن الذي يحمل عنوان، الجنايات و الجنح ضد نظام الاسرة و الاخلاق العامة، من الكتاب الثالث من مجموعة القانون الجنائي المغربي.
    و بما أن الإجهاض هو إنهاء حياة جنين مازال على قيد الحياة في أحشاء أمه ، وبما أن إنهاء حياة جنين هو بمثابة إزهاق روح ، فإن المشرع اعتبرها جريمة يقتضي معها  معاقبة فاعليها ومحرضيها والمشاركين والمتدخلين فيها ، الأمر الذي دفع بالمشرع لشمل هذا النوع من الجرائم بالتقنين وسطر لها فصول في القانون الجنائي للحد منها، كما جرمت اغلب التشريعات الاجهاض، كالمشرع الجزائري الذي جرمه و عاقب عليه في الفصل 304 و ما بعده من قانون العقوبات الجزائري.
    و عليه فقد افرز المشرع المغربي للاجهاض فرعا كاملا، و هذا ما يدل على ان جريمة الاجهاض ليست جريمة عادية، بل ان اتيانها فيه اعتداء على نظام الاسرة و الاخلاق العامة، بل اكثر من ذلك فالمشرع قد عاقب على المساعدة و المحاولة فيها و هذا ما سوف نراه لاحقا.
    و في الاخير يمكن القول ان الاجهاض يعتبر جريمة يهدد كيان المجتمع.
·       ثانيا: الركن المادي
   يتحقق الركن المادي في جريمة الاجهاض،  بتوافر ثلاث عناصر اساسية، و هي النشاط الاجرامي، و تحقق النتيجة الاجرامية، ثم العلاقة السببية بين النشاط الاجرامي و النتيجة، الا انه و كما نلاحظ ان المشرع المغربي لم يعدد النشاط الاجرامي المكون للركن الم و انما سرد بعض الامثلة لهذا النشاط[53]، و ذلك حسب الفصل 449 الذي جاء فيه" من أجهض أو حاول إجهاض امرأة حبلى أو يظن أنها كذلك، برضاها أو بدونه سواء كان ذلك بواسطة طعام أو شراب أو عقاقير أو تحايل أو عنف أو أية وسيلة أخرى".
   و بالتالي فالمشرع المغربي عمم الفعل المادي ليشمل كل وسيلة مادية استعملت لطرد الجنين من رحم امه قبل الاوان ، و القضاء على حياته، مثل الضرب و الادوية والعقاقير، او اية وسيلة أخرى يمكن استعمالها للاجهاض، حتى و ان كانت مشروعة و ظاهرة، مثل ممارسة رياضة خشنة قد تؤدي الى الاجهاض كحمل الاثقال، او ركوب الخيل،[54] و بمجرد اتيان الفعل المادي للاجهاض، تقوم الجريمة التامة إذا تحققت النتيجة المرجوة من الفعل المادي للاجهاض، اما اذا لم تتحقق النتيجة المرجوة فاننا نكون  بصدد محاولة.
     كما تتخد النتيجة الاجرامية إحدى الصورتين : إما موت الجنين في  رحم امه، او خروج الجنين قبل الموعد الطبيعي لولادته[55].
    و تجدر الاشارة الى انه حتى و ان خرج الجنين حيا او قابلا للحياة، فإنه يعد فعل مادي لجريمة الاجهاض، حيث يمكن تكييف هذا الفعل في إطار المحاولة الخائبة، حتى و ان لم تتحقق النتيجة المرغوبة من النشاط الاجرامي، و هي وضع حد لحياة الجنين في بطن امه، غير ان ما يميز  جريمة الاجهاض هو وضع نهاية في سبيل حياة الجنين.
   و عليه فإن جريمة الاجهاض تتحقق في المحاولة مثلها مثل الجريمة التامة التي تحققت فيها النتيجة المرجوة من فعل الاجهاض، ذلك ان الفصل 449 نص على انه " من اجهض او  حاول اجهاض ...".
   تتخد المحاولة في جريمة الاجهاض احدى الصور الثلاث الاتية:
-         الجريمة الموقوفة: تتحقق الجريمة الموقوفة اذا أوقف الفاعل بسبب خارج عن ارادته بعد ان شرع في تنفيذ الاجهاض أو قام بأفعال لا لبس فيها تهدف مباشرة الى ارتكابه.
-         الجريمة الخائبة: و يكون الاجهاض على شكل جريمة خائبة عندما يقوم الفاعل بكل الافعال التي كان يظن انها ستوصله الى النتيجة المرغوبة، و لكن لاسباب خارجة عن ارادته لم يتحقق الاجهاض، بالرغم من انه كان ممكن الوقوع.
-         الجريمة المستحيلة: و يمكن تصور الجريمة المستحيلة في الاجهاض إذا كانت المرأة التي مورس عليها غير حامل، فالفصل 449 نص على " إجهاض امرأة حبلى او يظن انها كذلك"[56].
·       ثالثا: الركن المعنوي
    لا يكفي لتقرير المسؤولية الجنائية ان يصدر عن الجاني سلوك اجرامي ذو مظهر مادي، بل، لابد من توافر ركن معنوي الذي هو عبارة عن نية داخلية، أو باطنية، يضمرها الجاني في نفسه[57].
      و بذلك، فإن الاجهاض عملية عمدية، تتمثل في اتجاه ارادة الجاني الى الفعل مع علمه بان المرأة حامل، و ان الوسيلة التي يستعملها صالحة للاجهاض، و هذا ما يسمى بالقصد الجنائي، اما اذا حصل الاجهاض نتيجة خطأ، فلا يعاقب عليه في  التشريع الجنائي المغربي بصفته جريمة اجهاض، اي ان القصد الجنائي هنا يقوم على عنصري العلم و الارادة.
      فالعلم يتجلى في ان يدرك الجاني ان  المرأة حامل، فإن كان يجهل ذلك و أدى اعتداؤه عليها الى الاجهاض، فلا يسأل الجاني، و ان كان يسأل مثلا عن جريمة الضرب المفضي الى موت الجنين، حيث يجوز متابعته عن الاصابة، او القتل الخطأ، طبقا للفصلين 432 و 433 من مجموعة القانون الجنائي حسب الاحوال[58].
    أما الارادة فهي جوهر القصد الجنائي في جريمة الاجهاض، و تعني اتجاه ارادة الجاني الى اتيان النشاط الاجرامي ، و تحقيق النتيجة المحظورة، اي الفتك بالجنين و القضاء عليه[59].
    و بالتالي فالقصد الجنائي في جريمة الاجهاض يتحقق عندما ينوي الفاعل من عمله القضاء على الجنين، و ذلك مع اعتقاده ان المرأة التي مارس عليها الاجهاض حبلى سواء كانت كذلك ام لا.
    اما عندما ينتفي القصد الجنائي فإننا لا نكون بصدد اجهاض[60]، كما لا يتحقق القصد الجنائي اذا عمد الفاعل الى اخراج الجنين حيا قبل أوان الولادة الطبيعية، لضرورة طبية اقتضت ذلك، فالاجهاض لا يتحقق الا إذا قصد الفاعل القضاء على الجنين و الفتك به.
·       رابعا: انتفاء الخطر عن صحة الام أو حياتها
    يستفاد من الفصل 453 من القانون الجنائي، ان المشرع يسمح بالإجهاض إذا استوجبت ضرورة المحافظة على صحة الأم و انقاد حياتها، بمعنى أنه إذا كان الحمل يشكل خطرا على صحة الأم أو حياتها فانه يجوز القيام بإجهاضه، إذ بمفهوم المخالفة لهذا النص نستنتج أن من عناصر جريمة الاجهاض، إنتفاء أي خطر على حياة الأم أو صحتها يبرر إجهاضها.[61]
     و قد حددت المادة 453 الإجراءات القانونية الواجب القيام بها إذا استوجبت الإجهاض ضرورة المحافظة على الأم و ذلك بنصها على أنه :"لا عقاب على الإجهاض إذا استوجبته ضرورة المحافظة على الأم متى قام به علانية طبيب أو جراح بإذن من الزوج".
ü    الفقرة الثانية: عقوبة جريمة الإجهاض و أسباب الإباحة
سنخصص هذه الفقرة إلى بيان العقوبات التي استوجبها المشرع الجنائي المغربي لكل حالة على حدة عند ارتكاب هذا الفعل الجرمي ( أولا)، ثم نبين حالات الاستثناء الواردة عليها بحيث يصبح هذا الفعل غير مجرما و غير معاقب عليه ( ثانيا).

·       أولا: عقوبة جريمة الإجهاض
لقد خص المشرع المغربي جريمة الإجهاض بالتنظيم في 10 فصول قانونية و هي من 449 إلى 458 من ق ج، حدد من خلالها لكل حالة عقوبة معينة و ذلك بحس ما إذا ارتكب الإجهاض في ظروف عادية، أو صاحبته ظروف مشددة.
1/ عقوبة الإجهاض المرتكب في غير الحالات المرتبطة بظروف التشديد
يقصد بها في هذه الحالة، تلك العقوبات المطبقة على الفاعل في حالة ارتكابه لجريمة الإجهاض في ظروف عادية لم يتوفر فيها أي ظرف من ظروف التشديد التي من شأنها أن ترفع من العقوبة أو تغير من وصفها الجنائي، بحث تنقلها من مجرد جنحة ضبطية أو تأديبية إلى جناية.
أ‌-      حالة الإجهاض أو محاولته المرتكب من طرف الغير على المرأة الحامل:
نظمت هذه الحالة مقتضيات الفصل 449 من ق ج التي نصت على أنه:" من أجهض أو حاول إجهاض امرأة حبلى أو يظن أنها كذلك، برضاها أو بدونه سواء كان ذلك بواسطة طعام أو شراب أو عقاقير أو تحايل أو عنف أو أية وسيلة أخرى، يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات، و غرامة من مائة و عشرين إلى خمسمائة درهما".
من خلال هذا الفصل، يتبين على أن المشرع الجنائي المغربي عاقب من أجهض امرأة حامل أو حاول ذلك، و لو لم يثبت في حقه العلم اليقيني، بل عاقبه في هذه الحالة إذا ثبت في حقه مجرد الظن كونها كذلك، كما أنه لم يشترط عدم رضا المجني عليها، بل أن الجريمة تتحقق و لو ثبت رضاها، و يبدو أن الأمر مرتبط بحق الجنين الذي تحمله بأحشائها في الحياة، و بالتالي فعنصر الرضا في هذه الحالة  لا يعدم الركن القانوني للجريمة، هذا فضلا على أنه أقر العقاب بصرف النظر عن الطريقة التي تم بها ارتكاب فعل الإجهاض، على اعتبار أن الوسائل المعدودة في الفصل أعلاه، هي على سبيل المثال لا الحصر، بدليل تنصيص المشرع في أخر الفقرة على عبارة " أو بأية وسيلة أخرى".
 و معنى هذا أن أية وسيلة استعملت و أدت بالنتيجة إلى سقوط الجنين من رحم أمه قبل الوقت اللازم للوضع تكون الركن المادي في هذه الجريمة، و الإطلاق الذي استخدمه المشرع في النص المذكور بالنسبة للوسائل المستعملة يسمح بالقول، بأن هذه الأخيرة تصلح نشاطا إجراميا مكونا للركن المادي حتى و لو كانت وسائل ظاهرها عادي، مثل المرأة التي تجهد نفسها عمدا و بإفراط – كرفعها الأثقال الزائدة عن الحد- بهدف إسقاط الجنين[62].
و بالإضافة إلى العقوبة الأصلية أعلاه، فقد أجاز القانون بموجب الفقرة الأخيرة من الفصل 450 من ق ج، للمحكمة في حالة حكمها بعقوبة جنحية فقط أن تقضي بحرمان الفاعل من واحد أو أكثر من الحقوق المشار إليها في الفصل 40 من نفس القانون و هي الحرمان من واحد أو أكثر من الحقوق الوطنية أو المدنية أو العائلية المحددة حصرا في الفصل 26[63] من نفس القانون، زيادة على منعه من الإقامة من خمس سنوات إلى عشر سنوات.
ب‌-   المساعدين و المشاركين في ارتكاب فعل الإجهاض
لقد عددت مقتضيات الفصل 451 من ق ج المساعدين و المشاركين في هذا الفعل الجرمي، و هم الأطباء و الجراحون و ملاحظو الصحة و أطباء الأسنان و القابلات و المولدات و الصيادلة، و كذلك طلبة الطب أو طب الأسنان أو الصيدلة، و عمال الصيدليات و العشابون و المضمدون و بائعوا الأدوات الجراحية و الممرضون و المدلكون و المعالجون بالتسبب و القابلات العرفية، و الملاحظ أن المشرع حصر لائحة المساعدين و المشاركين في الأصناف المشار إليها لما لهم من دراية و علم في مجال الطب و الصيدلة المرتبط بميدان أمراض النساء و التوليد، ذلك لما قد يقومون به من إرشاد للمرأة الحامل لاستعمال أي وسيلة تمكنها من إسقاط الجنين، و كذا في حالة نصحهم لاستعمال تلك الوسائل فقط، كما أنهم يعاقبون في حالة إتيانهم هم بأنفسهم لفعل الإجهاض، حيث يقعون تحت طائلة العقاب المنصوص عليه في الفصل 449 المذكور سالفا.
و زيادة على العقوبة الأصلية أعلاه، فقد استحل في حقهم القانون، على المحكمة أن تقضي وجوبا في حقهم بحرمانهم من مزاولة المهنة، و ذلك إما بصفة نهائية أو مؤقتة لمدة محددة، حيث تبقى و الحالة هذه صلاحية تقدير ذلك لسلطة المحكمة، تقدرها بحسب ظروف كل نازلة على حدة، و في حالة خرقهم لهذا المنع تطبق في حقهم عقوبة الحبس من ستة أشهر إلى سنتين و غرامة من خمسمائة درهم إلى خمسة ألاف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط.
ج- حالة التحريض على الإجهاض
من خلال استقراء مقتضيات الفصل 455 من ق ج، يمكن تحديد صور التحريض فيما يلي:
-         إلقاء خطب في أماكن أو اجتماعات عامة.
-         تقديم كتب أو مخطوطات أو مطبوعات أو منشورات أو إعلانات أو رسوم أو صور أو شعارات و لو كان ذلك سرا، و كذلك بيع إحدى هذه الأشياء أو تقديمه للبيع أو عرضه أو إلصاقه أو توزيعه في الطريق العمومي أو في مكان عام أو التوزيع على المنازل، أو في أربطة أو مظاريف مغلقة أو مفتوحة بطريق البريد أو بطريق متعهدي التوزيع أو النقل.
-         الدعاية في العيادات الطبية، الحقيقية أو المزعومة و لو لم يؤد هذا التحريض إلى نتيجة ما.
-         بيع أدوية أو مواد أو أجهزة أو أشياء كيفما كان نوعها أو عرضها للبيع أو عمل على بيعها أو وزعها أو عمل توزيعها بأية طريقة كانت مع علمه أنها معدة للإجهاض، حتى و لو كانت هذه الأدوية أو المواد أو الأجهزة أو الأشياء المقترحة كوسائل فعالة للإجهاض غير قادرة عمليا على تحقيقه.
يتبين من خلال تحليل المقتضيات أعلاه، أن المشرع المغربي عاقب كل من حرض على ارتكاب الإجهاض وفق الوسائل المحددة أعلاه بعقوبة الحبس من شهرين إلى سنتين و غرامة من 120 إلى 2000 درهما أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، و الملاحظ هو أن الوسائل و السبل المشار إليها في هذا الفصل تتخطى ما هو منصوص عليه في الفصل 129 من ق ج المنظم لصور المشاركة في الجريمة[64]، حيث يعود ذلك إل أن صور وسائل التحريض و المساعدة المشار إليهما في الفصلين 455 و 451 السابق تناوله بالدراسة أعلاه، تستغرق و تتجاوز صور المشاركة في إطار الفصل 129 المذكور، كما أن صور التحريض أعلاه، معاقب عليها بصرف النظر عن ارتكاب الإجهاض من عدمه أو محاولة ذلك، و هو الحكم الذي لا ينطبق على المشارك في إطار الفصل 129 من ق ج، على اعتبار أنه لا يمكن أن نتصور مشاركا في فعل جرمي دون فاعل أصلي، سواء تعلق الأمر بالجريمة التامة أو مجرد المحاولة في ارتكابها.
و حيث سبق غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالرشيدية في قرارها عدد 27 بتاريخ 10/05/2017 في الملف الجنائي الابتدائي عدد 102/2610/2016 ( قرار غير منشور) أن قضت بإدانة متهمة من أجل التحريض على الإجهاض و الإجهاض عمدا و عاقبتها عن ذلك بعشرة أشهر حبسا نافذا و غرامة مالية نافذة قدرها 500 درهما، حيث جاء في حيثياته:" و حيث إن ا سلف بسطه يشكل من جهة أولى العناصر التكوينية لجنحة التحريض على الإجهاض طبقا للفصل 455 من ق ج، و المتمثلة في إرشاد الضحية .... إلى منزل المتهم ... قصد إجراء عملية الإجهاض، إلا أن العملية لم تتم رغم إلحاح المتهمة .... إقناعها بإتمام العملية كما ورد بتصريحات المتهم ....التمهيدية، و كما ورد كذلك بالتصريحات التمهيدية للمتهم .... من أن المتهمة ... هي من رافقت الضحية ... و والدتها إلى منزل الشخص الذي يقوم بعمليات الإجهاض....".
 كما عاقب نفس القرار متهمين أخرين من أجل المشاركة في الإجهاض و عاقبتهما بثمانية أشهر و غرامة مالية نافذة قدرها 500 درهما لكل واحد منهما، بعدما أعادة تكييف الوقائع المعروضة عليها حيث كانا متابعين من أجل المشاركة في محاولة إجهاض امرأة حبلى، حيث جاء في حيثياته أنه:" حيث إنه استنادا إلى كل ما سلف تكون المحكمة قد اقتنعت بإتيان المتهمين.... لجنحتي المشاركة في التحريض على الإجهاض طبقا لمقتضيات الفصلين 129 و 455 من ق ج من خلال ربط الاتصال بين المتهم الأول و والد المشتكية قصد إيجاد حل لمشكل ابنته المتعلق بحملها، و قيامه بعد ذلك رفقة المتهم ..... بإيصال المتهمة ..... باعتبارها الوسيطة في عملية الإجهاض إلى مدينة كلميمة، و تعريفها بالمشتكية و والدها، و إخالهما إلى منزل المتهم .... المكلف بعملية الإجهاض التي لم تتم.
و حيث إن المحكمة و في إطار سلطتها في تطبيق النصوص الواجبة التطبيق على الأفعال المعروضة أمامها، و بناء على ما سلف ذكره، فإنها قررت مؤاخذة المتهمين من أجل المشاركة في جنحتي التحريض على الإجهاض بعد إعادة التكييف، و دونما التفات إلى إنكار المتهم ... بعد مرحلة البحث التمهيدي لكونه مجرد محاولة منه للتهرب من المسؤولية الجرمية، و ما يترتب عليها من عقاب"
د/ حالة إجهاض المرأة لنفسها أو محاولة ذلك:
نصت مقتضيات الفصل 454 من ق ج على أنه:" تعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين و غرامة من 120 إلى 500 درهما، كل امرأة أجهضت نفسها عمدا أو حاولت ذلك أو قبلت أن يجهضها غيرها أو رضيت باستعمال ما رشدت إليه أو ما أعطي لها لهذا الغرض".
يتضح من أحكام الفصل أعلاه، أن المشرع المغربي عاقب كذلك المرأة التي تجهض نفسها عمدا أي أنها قصدت يقينا تحقق نتيجة الإجهاض، و بمفهوم المخالفة، أن حكم الفصل أعلاه لا ينطبق على المرأة الحامل التي انعدم عندها القصد الجنائي الخاص و هو تعمد إتيان الفعل قصد تحقيق نتيجته و هو الإجهاض، كأن تقوم المرأة الحامل بأعباء المنزل و تجهد نفسها دون أن تكون لها نية إجهاد نفسها عمدا بغية إسقاطها لجنينيها، و العقاب المقرر في هذا الفصل ينطبق عليها سواء تحققت النتيجة الإجرامية و هي الإجهاض أو لم تتحقق، بحيث أن المشرع المغربي عاقب كذلك على مجرد المحاولة فقط، و ما قيل سابقا عن عنصر رضا المجني عليها في الفصل 449 من ق ج، ينطبق في هذه الحالة، ذلك أن رضاها من عدمه لا تأثير له في قيام المسؤولية الجنائية.
و حيث سبق للمحكمة الابتدائية بتاوريرت في حكمها الصادر بتاريخ 19/02/2013 في الملف الجنحي عدد 87/2012 أن قضت بإدانة المتهمة من أجل إجهاضها لنفسها بعد أن اعترفت بذلك و عاقبتها عن ذلك بثمانية أهشر حبسا موقوف التنفيذ و غرامة مالية نافذة قدرها 500 درهما ( قرار غير منشور).
و ما تجب الإشارة إليه، هو أن المشرع المغربي، خفف العقوبة على المرأة التي تجهض نفسها أو تحاول ذلك، مراعاة منه لشخصها، حيث جعل منها عقوبة ضبطية فقط لا تتجاوز السنتين، و إن دل ذلك، فإنما يدل على رأفته بها بالنظر إلى الضغوطات الاجتماعية و النفسية التي تعتريها و تدفعها لارتكاب الفعل الجرمي[65]، مثل أن يكون الحمل ناتجا عن سفاح أو غيره، أو تضطرها الظروف الاقتصادية أو وضعيتها الاجتماعية المهترئة إلى الإقدام على ذلك.
2/ عقوبة الإجهاض في حالة توافر ظروف التشديد
إذا كان المشرع المغربي قد عاقب على الإجهاض بعقوبات جنحية إما ضبطية في حالة إجهاض المرأة لنفسها أو محاولة ذلك، أو تحريض الغير لها على الإجهاض، أو تأديبية في حالة إجهاض الغير لها أو محاولة ذلك، فإنه ضاعف العقوبات المذكورة في حالة ما إذا توفر ظرف من ظروف التشديد بحسب الحالة، حيث غير من وصفها الجنائي، إذ تنتقل معه من مجرد جنحة إلى جناية معاقب عليها بجناية، أو فقط ترفع العقوبة الجنحية إلى الضعف لتصبح عقوبة تأديبية بدلا من عقوبة ضبطية ودون أن يغير ذلك من وصفها الجنحي، و سنحمل على بيان هذه الظروف المشددة وفق ما يلي:
أ‌-      حالة وفاة المرأة الحامل
إذا ترتب عن الإجهاض وفاة المرأة الحامل، فإن العقوبة بمقتضى الفقرة الأخيرة من الفصل 449 من ق ج تكون هي السجن من عشر إلى عشرين سنة، و لا تأثير هنا لرضاها على قيام المسؤولية الجنائية كما سبق بيان ذلك، حيث إن العقوبة و الحالة هذه تطبق على الجاني سواء تم الإجهاض أو محاولته برضاها أو بدونه، المهم هنا هو تحقق النتيجة وهو وفاة المرأة الحامل، و يسري هذا الحكم سواء على الفاعل الأصلي أي مرتكب الفعل المادي للإجهاض، أو على المحرضين   المنصوص عليهم في الفصل 455 من ق ج، و المساعدين المنصوص عليهم في الفصل 451 من نفس القانون.
في مقابل ذلك، ترفع العقوبة المنصوص عليها أعلاه، إذا كان مرتكب الإجهاض ممن تعود على ممارسته و ذلك وفق منطوق الفقرة الأولى من الفصل 450 من ق ج، حيث يعاقب في هذه الحالة بالسجن من عشرين إلى ثلاثين سنة، على اعتبار أن صفة الاعتياد بدورها ظرف مشدد ثان في الجريمة إضافة إلى ظرف وفاة المرأة الحامل.
و حيث سبق لغرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء في قرارها عدد 523 بتاريخ 28/04/2004 في الملف الجنائي عدد 1078/05/03 ( قرارا غير منشور) أن قضت بمؤاخذة متهمتين من أجل الإجهاض الناتج عنه وفاة، و عاقبت إحداهما بأربع سنوات حبسا نافذا، و عاقبت الثانية بست سنوات سجنا نافذا، حيث جاء في حيثياته:" و حيث إن المحكمة اقتنعت بأن المتهمتان .... تعمدتا إنهاء حال الحمل عند الضحية .... قبل أوانه عن طريق أدوية تقليدية قدمتها الأولى للحبلى، و عن طريق المسبر بمحاولة الثانية فتح رحمها إسقاط الجنين، فتسببتا في وفاتها و ظل الحمل برحمها بسبب الوفاة، مما يشكل فعلهما عملا إجراميا و استباحة لحرمة النفس البشرية يعاقب عليه فصل المتابعة".
و يستوجب لقيام المسؤولية الجنائية في هذه الحالة، ثبوت قيام العلاقة السببية ما بين فعل الجاني و هو إجهاضه أو محاولة إجهاضه للمرأة الحامل، و بين النتيجة الإجرامية و هي وفاة هذه الأخيرة، إذ بانعدامها تنعدم مسؤوليته في هذا الشق المتعلق بتطبيق ظروف التشديد، حيث يسأل في حدود فعله الجرمي و هو الإجهاض أو محاولته و تطبق عليه و الحالة هذه العقوبات المقررة لهذا الفعل بحسب الحالة.
و ما يلاحظ هو أن وفاة المرأة الحامل، يجعل من جريمة الإجهاض جناية، بحيث يغير من وصفها الجنائي، حيث تنتقل من مجرد جنحة إلى جناية معاقب عليها بعقوبة جنائية.
ب‌-  حالة اعتياد الجاني على الإجهاض
عالج المشرع المغربي هذه الحالة في الفصل 450 من القانون الجنائي، حيث جاء فيه على أنه:" إذا ثبت أن مرتكب الجريمة يمارس الأفعال المشار إليها في الفصل السابق بصفة معتادة، ترفع عقوبة الحبس إلى الضعف في الحالة المشار إليها في الفقرة الأولى"، حيث تطبق عليه في هذه الحالة عقوبة الحبس من سنتين إلى عشر سنوات و الغرامة من 240 إلى 1000 درهما.
و يقصد بالاعتياد، هو تكرار قيام الجاني بالعملية المجرمة حتى صارت عادة له، كالطبيب الذي اشتهر بإجهاض الراغبات في ذلك بدون ضرورة[66]، و هي الحالة التي أشارت إليها مقتضيات الفصل 451 من ق ج، بحيث إن الأشخاص المشار إليهم فيها إذا تعودوا ذلك يعاقبون بنفس هذه العقوبة.
و ما يلاحظ في هذا الفصل، أنه بالرغم من تشديد المشرع المغربي للعقوبة برفعها إلى الضعف إلا أنها احتفظت بوصفها الجنحي، أي انتقلت من مجرد جنحة ضبطية إلى جنحة تأديبية، بدليل توظيفه لعبارة "عقوبة الحبس" و لم يوظف عبارة " عقوبة السجن"، على اعتبار ما لهذين المصطلحين من تأثير في تحديد وصف الجريمة، حيث توظف عبارة الحبس للإشارة إلى الجنح، و توظف عبارة السجن للإشارة إلى الجنايات.
و حيث سبق لغرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالرشيدية في قرارها عدد 27 بتاريخ 10/05/2017 في الملف الجنائي الابتدائي عدد 102/2610/2016 ( سبق الإشارة إليه) أن قضى بمؤاخذة المتهم من أجل محاولة إجهاض امرأة حبلى و الاعتياد على ذلك، و عاقبته بثلاث سنوات و نصف السنة حبسا نافذا و غرامة مالية نافذة قدرها 1000 درهما، حيث جاء في حيثياته:" و حيث إن ما سلف بسطه من اعتراف تمهيدي للمتهم، و من شهادة المتهمة الثانية .... في مواجهته تمهيديا و اثناء استنطاقها ابتدائيا، و من محجوزات طبية تستعمل في عملية الإجهاض، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن ما للمتهم ثابتة في حقه، و يشكل في تكييفه القانوني جريمتي محاولة إجهاض امرأة حبلى و الاعتياد على الإجهاض طبقا لمقتضيات الفصلين 449 و 450 من ق ج و يتعين مؤاخذته من أجله".
و فضلا عما ذكر أعلاه، فقد أجاز المشرع المغربي بمقتضى الفقر ة الثانية من الفصل 450 من ق ج للمحكمة في حالة حكمها على الفاعل بجنحة فقط أن تقضي بحرمانه من واحد أو أكثر من الحقوق المشار إليها في الفصل 40 من ق ج، و هي الحرمان من ممارسة حق أو عدة حقوق من الحقوق الوطنية أو المدنية أو العائلية المنصوص عليها في الفصل 26 من ق ج، زيادة على منعه من الإقامة من خمس إلى عشر سنوات.
و قد قصد المشرع المغربي من هذا التشديد الضرب على أيدي الجناة الذين يتجاسرون على تكرار القيام بإجهاض الحوامل و الاعتياد على ذلك، هذا و أن المشرع لم يحدد عدد المرات التي يتحقق بها الاعتياد، و أقل درجة من الاعتياد مرتين، بحيث يبقى الأمر موكول للسلطة التقديرية لقضاء الموضوع، الذي يتحقق من قيام عناصر الاعتياد بالنسبة لكل منهم بحسب ظروف و ملابسات كل قضية على حدة، كما أن ظرف الاعتياد ينطبق فقط على الجاني من الغير، أما إذا أجهضت المرأة نفسها عدة مرات، فلا يتوافر في حقها هذا الظرف المشدد، لأن هذا النص يستهدف بالأساس مواجهة أولئك الذين يحترفون الإجهاض و يشجعون عليه[67].

   ج- حالة تحقق الإجهاض إثر العمليات و الأعمال المشار إليها في الفقرة الأخيرة من الفصل 455 من ق ج
نصت على هذه الحالة مقتضيات الفقرة الأخيرة من الفصل 455 من ق ج، التي قضت أنه في حالة ما إذا تحقق الإجهاض على إثر العمليات المشار إليها في المقطع الأخير من نفس الفصل، فإن الفاعلين يعاقبون بالعقوبات المقررة في الفصل 449 من نفس القانون بحسب الحالة، حيث إذا ارتكب الإجهاض فعلا أو تمت محاولته و لم يترتب عنه وفاة المرأة الحامل، فإنهم يعاقبون بمقتضى الفقرة الأولى من نفس الفصل المذكور و هي عقوبة الحبس من سنة إلى خمس سنوات و الغرامة من 120 إلى 500 درهما، و هي عقوبة تأديبية، بدلا من العقوبة الضبطية المحددة في الحبس من شهرين إل سنتين و الغرامة من 120 إلى 2000 درهما، أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، أما في حالة ما إذا نتج عنه وفاة المرأة الحامل فإنهم يتحلون العقوبة الجنائية المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من الفصل 449 من نفس القانون و هي السجن من عشر إلى عشرين سنة، بحي يصبح فعلهم في هذه الحالة جناية و ليس جنحة.
و تجدر الإشارة إلى أن المشرع المغربي قد تحوط لأمثال هؤلاء الذين يرتكبون جرائم الإجهاض، فاعتبر في مقتضيات الفصل 456 من ق ج أن الحكم بالمؤاخذة في حق هؤلاء ينتج عنه و بحكم القانون الحرمان من مزاولة أية وظيفة أو القيام بأي عمل و بأية صفة كانت في مصحة أو دار للولادة أو في أية مؤسسة عامة أو خاصة، تستقبل عادة سواء بمقابل أو بغير مقابل نساء في حالة حمل حقيقي أو ظاهر أو مفترض أيا كان عددهن، و أن هذا الحرمان يطال مرتكب الفعل سواء كانت الجريمة تامة أو مجرد محاولة، و نفس الحكم يسري على المشارك في تلك الجرائم.
و زيادة في الاحتياط و محاربة هذه الجرائم، أمام كثرة الأطر الطبية الأجنبية التي يعود إليها في الغالب التخصص في مجال أمراض النساء و التوليد، و العاملين بالمغرب بسبب النقص الحاصل في الأطر الطبية المحلية إبان صدور القانون الجنائي المجرم لهذه الجريمة[68]، فقد قرر المشرع حرمان الشخص من ممارسة المهن الطبية بالمغرب حتى و لو كان قد صدر الحكم عليه من طرف قضاء أجنبي بالمؤاخذة عن جريمة تدخل طبقا للقانون المغربي تحت مقتضيات الجرائم المعاقب عليها في الفصول من 449 إلى 458 من ق ج، فخول للمحاكم الابتدائية التي يقيم بدائرتها المحكوم عليه بناء على طلب من النيابة العامة و بعد استدعاء قانوني موجه لصاحب الشأن أن تصرح مجتمعة في غرفة المشورة بانطباق الحرمان المقرر في الفصل 456 من ق ج المشار إليه سالفا، و كل مخالفة للحرمان من مزاولة المهنة الصادر على المحكوم عليه المنصوص عليه في الفصلين 456 و 457 أعلاه، يعاقب عليه بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين و غرامة من 120 إلى 1000 درهما، أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، طبقا لما هو منصوص عليه في الفصل 458 من ق  ج.
و ما يمكن استخلاصه من تحليل المقتضيات القانونية أعلاه، أن المشرع الجنائي و رغبة منه في حماية حق الجنين في الحياة، و الضرب على أيدي ممتهني الإجهاض، فقد عاقب على هذه الجريمة سواء تحققت الجريمة في صورتها التامة، أو ظلت مجرد محاولة فقط بجميع صورها، سواء تعلق الأمر بالجريمة الموقوفة أو الخائبة أو المستحلية، على اعتبار أن المشرع بمعرض تلك الفصول أشار إلى كل واحدة منها.
·       ثانيا: أسباب الإباحة
إذا كان المشرع الجنائي المغربي قد جرم الإجهاض وفق الكيفيات المنصوص عليها سالفا في حالة تحقق شروطه و أركانه، لما لهذا الفعل الجرمي من آثار وخيمة على نظام الأسرة و الأخلاق العامة، فإنه استثناء أجاز إمكانية إجراءه، فير أنه ضيق من نطاقه، حيث أباحه في حالتين فقط وفق منطوق الفصل 453 من ق ج الذي تم تعديله بموجب المرسوم الملكي بمثابة قانون رقم 181-66 بتاريخ 01/07/1967، و تتمثل هاتين الحالتين فيما يلي:
1/ حالة الحفاظ على صحة الأم:
و هي الحالة التي تناولتها الفقرة الأولى من الفصل 453 من ق ج حيث جاء فيها على أنه:" لا عقاب على الإجهاض إذا استوجبته ضرورة المحافظة على صحة الأم متى قام به علانية طبيب أو جراح بإذن من الزوج".
فمن خلال الفقرة أعلاه، يتبين على أن المشرع المغربي أجاز للطبيب المعالج أو الجراح أن يجري عملية الإجهاض إذا ضرورة الحفاظ على صحة الأم الحامل، و اشترط لذلك، أن يقوم به طبيبا أو جراحا علانية و ليس سرا، كما اشترك كذلك ضرورة موافقة زوج المرأة الحامل، و في حالة ما إذا كان هذا الأخير غير موجود أو امتنع من إعطاء موافقته أو عاقه عن ذلك عائق، فإنه لا يسوغ للطبيب أو الجراح أن يقوم بالعملية الجراحية أو يستعمل علاجا يمكن أن يترتب عنه الإجهاض إلا بعد أن يحصل على شهادة مكتوبة من الطبيب الرئيس للعمالة أو الإقليم، يصرح فيها هذا الأخير بأن صحة الأم لا يمكم المحافظة عليها إلا باستعمال مثل هذا العلاج، وفق ما قضت به الفقرة الأخيرة من نفس الفصل.
و بالتالي، فإنه في حالة خرف الطبيب أو الجراح المعالج لهذه الإجراءات القانونية، فإن مسؤوليته الجنائية تقوم في حقه.
   2 / في حالة كون حياة الأم في خطر
و هي الحالة التي عالجتها مقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 453 من ق ج، حيث جاء فيها على أنه:" و لا يطالب -الطبيب أو الجرح- بهذا الإذن إذا ارتأى الطبيب بأن حياة الأم في خطر، غير أنه يجب عليه أن يشعر بذلك الطبيب الرئيس للعمالة أو الإقليم".
فمن خلال استقراء مقتضيات الفقرة أعلاه، يتضح عل أن المشرع المغربي أجاز للطبيب أو الجراح إجراء الإجهاض في حالة ما إذا تبين له بكون حياة الأم في خطر محدق بها، و لم يتطلب في هذه الحالة ضرورة الحصول على موافقة الزوج و لا شهادة مكتوبة من الطبيب الرئيسي للعمالة أو الإقليم، و إنما اقتصر في هذه الحالة على ضرورة إشعار هذا الأخير بهذا الإجراء فقط لا غير، نظرا لعنصر الاستعجال و الضرورة التي توافرت قصد إنقاذ حياة الأم، و الإشعار هنا يمكن أن يتحقق بأية وسيلة كانت و لو شفهيا عبر الهاتف، حيث لم يشترط المشرع في هذه الإشعار شكلا معينا، و مرد ذلك إلى حالة الاستعجال التي تستلزم ضرورة التدخل الطبي لإنقاذ حياة المرأة الحامل المعرضة للخطر، و ما قد يترتب عن تعطيل هذا التدخل بموجب الإجراءات المشار إليها في الفقرة الأولى إلى إزهاق روحها و وفاتها، و أن من شأن ذلك أن يرتب الجزاء القانوني على المتسبب فيه.
يتضح من خلال ما سبق تحليله، أن المشرع المغربي ضيق من نطاق إباحة الإجهاض إلى درجة المنع، على اعتبار أن الحالات المشار إليها أعلاه نادرة الحدوث، هذا فضلا على أن الحالتين الوحيدتين قيدهما بمسطرة قانونية معقدة تتمثل في موافقة الزوج، أو الطبيب الرئيس للعمالة أو الإقليم عند تعذر حضور الزوج أو ممانعته في إجراء الإجهاض و ما قد يثار من مشاكل بهذا الخصوص من حيث موازنة المصالح بين المحافظة على صحة الأم أو الحفاظ على حياة الجنين، و ذلك إذا تعلق الأمر بحالة ضرورة الحفاظ على صحة الأم، التي هي أقل قيمة من حالة كون حياتها في خطر إذ لم يستوجب في هذه الحالة عند إجراء الإجهاض ضرورة الحصول على الموافقة من أي جهة، و إنما الاقتصار فقط على إشعار الطبيب الرئيس للعمالة أو الإقليم.
المطلب الثاني : الواقع العملي للإجهاض
   يعتبر الاجهاض إحدى المعضلات الإجتماعية التي لم تجد في بلادنا طريقها الى حوار مجتمعي واسع بناء او الى مقاربه قانونيه مناسبة، وهو موضوع يطرح عدة إشكالات يتداخل فيها ما هو شرعي ديني بما هو طبي، وما هو مجتمعي ثقافي بما هو قانوني، وبهذا أصبح موضوع الإجهاض في الآونة الآخيرة محور نقاشات من طرف الفاعلين السياسيين والجمعويين والإعلاميين بل وحتى الفاعل الرسمي ممثلا في الملك، بحيث لم يعد الموضوع نخبويا بل أصبح مجتمعيا، وكما هو معلوم فإن ظاهرة الاجهاض ليست سوى مظهر من مظاهر التحول القيمي في المجتمع المغربي في ظل واقع متحول ومتسارع الأحداث.
    وفي خضم الإشكالات التي تثيرها ظاهرة الاجهاض انقسم المجتمع إلى فئتين، الأولى ترى بأن الحفاظ على الحق في الحياة واجب ومضمون في حين فئة أخرى لها رأي آخر وهو الحق في التصرف في الجسد (الفقره الاولى) إلا أن هذه الأراء كانت نتيجة تنامي ظاهرة الاجهاض في المغرب (الفقره الثانيه).
الفقرة الاولى : الإجهاض بين الحق في الحياة والحق في التصرف بالجسد
   عرف الإجهاض اختلافات بين مؤيدين ومعارضين، هذا الاختلاف يتأسس على مجموعة من الإعتبارات، فمن جهة الزاوية التي ينظر فيها الى الموضوع، إذا أعطينا الأولوية للحياة الأدمية يكون إسقاط الجنين الناتج عن الحمل غير مرغوب فيه أي كانت الأسباب بمثابة اعتداء واضح على الحياة في ذاتها وإهدارا صارخ لها، وهذا ما يمثله الإتجاه المحافظ (أولا) أما إذا نظرنا إلى الموضوع من زاوية حق المرأة في الاختيار وحرية التصرف في جسدها فهم يعتمدون على مقاربات اجتماعية بالأساس والتنكيل الذي قد تتعرض له المرأة، ويمثل هذا الرأي ما يسمى بالإتجاه الحداثي (ثانيا) .
أولا : الإتجاه المحافظ
   إن الاجهاض في نظر القوى المحافظة من حركات إسلامية و بعض الجمعيات المحسوبة على هذا التيار، يرون بأنه من أبرز مظاهر الإعتداء على الحياة ومن أكبر التهديدات التي تواجه بل ومن أشهر الجرائم التي تئد البراءة، قال تعالى { واذا الموؤودة سئلت بأي ذنب قتلت }[69]، حيث يتساءل الرافضون لهذا القتل في أحقية الطبيب بقتل الجنين لحل مشاكل اجتماعية مؤكدين على ان حل المشاكل الاجتماعية ينبغي ان يتم بعيدا عن قتل الجنين والمجتمع هو الذي عليه ان يحل هذه المشاكل وليس الطبيب.
   فاﻹجهاض كما هو معلوم أنه إسقاط الجنين قبل أوانه الطبيعي، أي إنهاء حياة إنسان مازال لم تكتمل بعد خلقته بسبب وجوده في بطن أمه[70]، وهو من الوجهة الاجتماعية يحقق ضررا مؤكدا[71] للجنين وإن لم ير النور بعد ولم يكتسب سائر حقوق الأحياء فإن القضاء عليه مخالف للفطرة السليمة، فلا يمكن أن يكون من حق الأم أو من حق الأبوين بل ولا حتى من حق المجتمع تقرير ذلك[72].
حيث يقول عز وجل في كتابه العزيز {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ ۚ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ}[73] .
    وفي هذا الصدد فإن التساهل مع الإجهاض وتوسيع نطاق إباحته برؤية قد تكون تجارية محضة أو حرية شخصية كما يدعي البعض، ففي مجملها تترتب عنها مخاطر مرعبة إثر انتشارها، فمن خلال تتبع الإحصاءات التي تحدثت عن الاجهاض نجد أن اكثر من 25 مليون حالة إجهاض في العالم حسب تقديرات منظمة الصحة العالمية عام 1976، وقد زادت هذه الحالات الى 50 مليون حالة في العالم الثالث كما تقول مجلة التايم الأمريكية في السادس من اغسطس 1984 و ينتج عنها وفيات عالية جدا[74].
    ولولا انتشار وسائل منع الحمل وخاصة الحبوب لكان الإجهاض أكثر من هذه الأرقام المفزعة بكثير[75]، كما يشكل الإجهاض غير القانوني %95 من حالات الإجهاض المقدرة في العالم[76].
    و في البلدان النامية ذكرت مجلة Medicine Digest أن التقديرات الطبية تدل على أن 13,700,000 حالة إجهاض قد تمت في البلاد النامية عام 1976 وفي دراسة ميدانية قامت بها إحدى المؤسسات الأمريكية حذرت من حالات الاجهاض في افريقيا، أنها تبلغ 50 مليون كل عام منها %10 لسيدات دون سن الخامسة عشر سنة[77].
   وعموما، فالإجهاض مرفوض أخلاقيا لأنه يؤدي الى إزهاق روح إنسان بريئ لا ذنب له سوى أنه كائن بشري غير مرغوب فيه من طرف والدته او كلا والديه في بعض الاحيان، إلا ان الإشكال يبقى مطروح من الناحية العملية على الضمانات التي تغيب لدى الجهات التي يوضع مصير هذه الحياه الإنسانية بين أيديها وتقرر إهدارها ليس بناء على مصلحة أو مفسدة هذا الكائن البشري وإنما بظروف او مصالح جهتين على الاقل و هما الأم أو الطبيب أو المعالج الذي ينفذ عملية الاجهاض في حالات كثير لدواعي ربحية اكثر من شيء اخر، حيث ان وضع هذه الحياة تحت تصرف من يباشر عمليه الاجهاض سواء كان ينتمي الى مهنة الطب المنظم او الى حرفة "العلاج الشعبي" يعتبر خطرا محدقا على هذا الحق في الحياة و خاصة في ظل النزوعات التجارية الربحية التي تسيطر على من يقوم بعمليات الإجهاض مما حوله الى اقتصاد مصلحي.
ثانيا : الإتجاه الحداثي
   هذا الرأي يعتبر أن الإجهاض حرية فردية أساسية ملازمه لتحرير العلاقات الجنسية، ولا تكتمل الرؤية لحقوق الانسان حسب المطالبين بإباحة الإجهاض سوى برفع جميع القيود القانونية والثقافية على حق المرأة في إسقاط حملها غير المرغوب فيه، كنتيجة لازمة لحقها في الإختيار و في التصرف بحرية في جسدها، ومن الناحية الفلسفية يستند هذا الرأي على الإتجاهات التي تقول بالحرية الفردية في مقابل هيمنة الدولة، وهما اتجاهان بارزان يسمى الأول بالإتجاه الفوضوي ورائده الألماني ماكس شتيرنر في كتابه الأوحد وملكيته، والثاني هو الاتجاه الليبرالي وأبرز من يمثل تيارها المتشدد المنظر الإقتصادي و الفيلسوف الأمريكي موري روثياد في كتابه أخلاقيات الحرية[78].
   وبالتالي فإن الفرد حر في نفسه و ان يفعل فيها ما يشاء حتى وإن اقتضى الأمر معانقة ظواهر تتنافى مع الطبيعة البشرية كزواج المثليين او التغيير في الجنس من الذكر والانثى[79].
    وحاصل القول أن الإتجاة الحداثي ينقسم بدوره الى رأيين،  الأول يرى بإطلاقية الحق في الاجهاض دون قيود بينما الثاني يرى بتوسيع دائرة الإباحة وذلك راجع لاستحضار المخاطر التي قد تنجم عن الحرية في الاجهاض من فساد المجتمع و انتشار الأوبئة إثر العلاقات غير الشرعية وذلك بسبب عدم وجود قانون زجري يحدد الحقوق والواجبات.
الفقرة الثانية : واقع الإجهاض في المغرب وآليات معالجته
   عرف المغرب في الآونة الأخيرة ارتفاع نسبة الإجهاض السري لعدة اسباب قد تكون اجتماعية، اقتصادية، قانونية (أولا)، مما أدى إلى ضرورة إيجاد حلول ومقترحات لتفادي هذه الظاهرة الفتاكة (ثانيا) .
أولا : واقع الإجهاض في المغرب  
   اقتحم المغرب مجالات متعددة في العصرنة و الحداثة من خلال سياسات وترسانة من القوانين المتطورة تنصهر في المنظومة الحقوقية العالمية، قد يحصل كل ذلك ولكن من دون ان ينسلخ هذا المغرب عن جذوره من موروثه الثقافي والديني، وفي هذا الصدد و ما يعرفه الاجهاض من تنظيم قانوني ساهم بشكل كبير في ارتفاع نسبة الإجهاض السري .
   فظاهره الإجهاض باتت من الظواهر والأفعال السرية التي تطفح رائحتها في كل أوساط المجتمع المغربي.
   وارتباطا بمقتضيات جريمة الإجهاض في القانون الجنائي يستخلص منها مختلف الإشكاليات التي غفل عنها المشرع المغربي أهمها عدم توسيع دائرة الإباحة واقتصارها في سببين للإجهاض طبقا لمقتضيات المادة 453 من القانون الجنائي[80].
    وقد اثبتت التجربة كما أثبت القانون المقارن قصور تلك المقتضيات وعجزها عن مواكبة التحولات المتسارعة في الواقع، إذ أن مسالة الإجهاض السري تستند الى مجموعة من المبررات والدفوعات ولعل من اهمها : أن المجتمع المغربي يعرف تحولات في منظومته القيمية ومن بينها النظر إلى مسالة الإجهاض، و التي يقدم عليها العديد من النساء والفتيات لدواعي اخلاقية للتخلص من الحمل غير المرغوب فيه ويربطون هذه المسالة، بارتفاع حالات العلاقات الجنسية غير الزوجية سواء بين الشباب والمراهقين او بين النساء والرجال الذين ترتفع اعمارهم عن 40 سنة، وكل هذا يفرض التعامل والنظر للموضوع من عدة زوايا خصوصا الجانب القانوني (القانون الجنائي في الفصل 453 ) كما سبق القول[81].
   وبالتالي وجب تعديل مقتضيات جريمة الإجهاض بإضافة وتوسيع نطاق الإباحة، ونورد في هذا الصدد مستندات لمقترح التعديل ، منها ما هو واقعي والآخر قانون مقارن .
   فيما يخص المستند الواقعي، فإن الإجهاض، وخصوصا منه الإجهاض السري، أضحى معضلة حقيقية، وحالاته في ازدياد. ليست هناك إحصائيات ذات مصداقية. وعلى الرغم من أن الأرقام المقدمة من قبل بعض الجمعيات في السنوات الأخيرة لا تستند إلى دراسات واقعية وبعضها مبالغ فيه، إلا أن ذلك لا يعني أن الظاهرة محدودة. وقد أثبتت بعض الأحكام الصادرة عن القضاء أن الظاهرة موجودة وأنها خطيرة.
   وإحدى التفسيرات لذلك هو أن القانون المتشدد والذي لا يسمح بالإجهاض في حالات تدعو إليها الحاجة الماسة ويسمح بها الفقه الإسلامي في غالب اجتهاداته، تدفع الأسر أو النساء إلى البحث عن الإجهاض خارج القانون وبشكل سري. لكن هذا الأخير يتم غالبا في ظروف غير مناسبة صحيا وبعيدا عن المراقبة الطبية الضرورية، وأحيانا في ظروف صحية خطيرة جدا. وهو ما يعرض المعنيات بالأمر لمضاعفات صحية قاسية، بل وللوفيات أحيانا. وكثير من القضايا التي عرضت أمام القضاء إنما اكتشفت بسبب وفاة الأم[82].
   أما مستند القانون المقارن فمقتضاه أن العديد من القوانين في دول إسلامية أخرى نهجت أسلوبين في مقاربة الموضوع. الأسلوب الأول هو إباحة الإجهاض وتنظيمه في حالات معينة فالقانون الجنائي السوداني[83]والماليزي ومشروع قانون العقوبات الفلسطيني مثلا يستثنيان من تجريم الإجهاض المرأة التي تعرضت للاغتصاب ويعفيانها من العقوبة.
بينما يعتبر كل من القانون اللبناني[84]، والسوري[85]والأردني والليبي والعراقي إجهاض المرأة المغتصبة لجنينها عذراً قانونياً مخففاً للعقوبة.
   وحسنا ما فعل المشرع الجنائي عندما وسع من دائرة أسباب الإباحة في مشروع القانون الجنائي الجديد حيث حاول أن يضيف أسباب أخرى للإباحة من بينها ما نصت عليه المادة 453-1 حيث جاء في مقتضياتها أنه لا يعاقب على الاجهاض اذا كان الحمل ناتج عن الاغتصاب أو زنا المحارم ولكن اشترط المشرع هنا بعض الشروط :
 1} أن يقوم به طبيب في مستشفى عمومي او مصحة معتمدة  لذلك؛
 2} أن يتم قبل اليوم التسعين من الحمل؛
 3} أن يتم الإدلاء بشهاده رسمية تفيد فتح مسطره قضائية، يسلمها الوكيل العام للملك المختار بعد تأكده من جدية الشكاية؛
4} أن يشعر الطبيب مندوب وزارة الصحة بالإقليم او العمالة قبل إجراء عملية الاجهاض؛
5} أن يتم إرشاد الحامل من قبل الطبيب شخصيا او بواسطة مساعدة اجتماعية الى الإمكانيات القانونية المتاحة لها بخصوص كفالة الطفل و الأخطار الصحية التي يمكن ان تتعرض لها جراء الاجهاض، وتمنح عند الاقتضاء مهلة للتفكير لا تقل عن 3 أيام. ويعد الطبيب تقريرا بذلك يوضع بملف المعنية بالأمر.
   كما أنه بالرجوع الى الفصل 153-2 لا يعاقب على الإجهاض إذا كانت الحامل مختلة عقليا شريطة :
1} أن يقوم به طبيب في مستشفى عمومي او مصحه معتمدة  لذلك؛
2} أن يتم قبل اليوم التسعين من الحمل؛
3} أن يتم بموافقة الزوج أو أحد الأبوين إذا لم تكن متزوجة أو النائب الشرعي إذا كانت قاصرة ..
4} أن يتم الإدلاء بما يفيد إصابة الحامل بالخلل العقلي؛
5} أن يشعر الطبيب مندوب وزارة الصحة بالعمالة أو الإقليم ثبل إجراء عملية الإجهاض .
   كذلك أضاف المشرع فصلا آخر 453-3 حيث جاء فيه أنه لا يعاقب على الإجهاض إذا قام به طبيب في مستشفى عمومي أو مصحة معتمدة لذلك، في حالة ثبوث إصابة الجنين بأمراض جينية حادة أو تشوهات خلقية خطيرة غير قابلة للعلاج وقت التشخيص بواسطة شهادة تسلمها لجنة طبية يعينها وزير الصحة بكل جهة من الجهات ، على أن يتم الإجهاض قبل مرور مائة وعشرين يوما من الحمل .
وخلاصة القول أن المشرع الجنائي إنتبه إلى عيوب وجمود الفصول الجنائية المتعلقة بالإجهاض وحاول تجاوزها ببعض من المرونة ، إلا أنه في نظرنا أن هذه القيود غالبا ما تفرغ النص من مضمونه، خصوصا في الواقع المغربي.
ثانيا : مقترحات للتخفيف من ظاهرة الإجهاض
تأكيدا منا أن ظاهرة الإجهاض لا يمكن القضاء عليها وفق مقاربة واحدة، وإنما يقتضي مقاربة الظاهرة من عدة زوايا، ولنا في ذلك بعض المقترحات على الأقل للتخفيف من حدتها وانتشارها :
v   المراجعة المستعجلة نحو الإباحة القانونية لما هو مباح في غالب الإجتهاد الفقهي، دون إهمال كون الإجهاض معضلة اجتماعية متصاعدة يحتاج علاجها إلى مقاربة شمولية، وخصوصا اعتماد الوقاية وفق مقاربة متوافقة مع ديننا وثقافتنا .
v   معالجة شمولية وكلية وبنيوية للموضوع، وتجاوز التصلب في اتجاه موقف فقهي ما، الذي يترتب عنه لا محالة مزيد من النفاق الاجتماعي الذي يهيمن على الحياة المجتمعية المغربية.
v   الدعوة الى نقاش علمي بارد، بعيدا عن الإتهام والإتهام المضاد، والإنصات للجميع و محاولة الخروج برؤية متوافقة تستحضر كل التحولات التي يعيشها المجتمع المغربي، ومن جهة ثانية تكون متجاوبة مع الضغوطات التي تتعرض لها المجهضات، اللواتي لسنا سوى نتيجة لسوء تقديرنا لمسألة جد خلافية.
v   مراعاة لبعض الحالات المستعصية وجواز الإجهاض فيها مثلا الإغتصاب، فلماذا المرأة تتحمل عبئ المجتمع في حين أن المذنب طرف آخر، أيضا بعض الحالات التي يكون معها الجنين مشوها ويؤدي لا محالة إلى صعوبة الحياة خصوصا في غياب مؤسسات العناية و تخلف المجتمع المغربي .
وحاصل القول أن المغرب يعيش أزمة على كل المستويات كما يعرف انحلالا أخلاقيا و فسادا في القيم والمبادئ، لذلك وجب تدارك التحولات التي يعيشها المغرب وخلق ترسانة قانونية تناسب الجيل الجديد.

خاتمة
  إن جريمة الإجهاض جريمة شنيعة، تزداد يوما بعد يوم تهدد المجتمعات كلها خاصة الدول الغربية التي تنادي بالتحرر خاصة التحرر الجنسي، إذ مازال الصراع قائما بين المجتمعات التي تنادي بحرية الإجهاض بالرغم من مخاطره على المرأة الحامل، إذ يعتبرونه حق من حقوق المرأة تحت حجة أن للمرأة حق هلى جسدها و أن الجنين هو جزء من هذا الجسد، و غيرها ممن يراه جريمة يجب تشديد العقوبة عليها.
   إن أسباب هاته الجريمة كثيرة و متعددة، فإنهيار الأخلاق و التحرر الجنسي المزعوم وصل بهاته المجتمعات إلى إباحة الإجهاض، و كذا الطروف الإقتصادية و الإجتماعية السيئة جعلت من الجنين يثقل كاهل الوالدين من خلال توفير متطلبات العيش، فكان لابد من إجهاض الجنين غير المرغوب فيه، كثرة الفياد و الذي نتج عنه كثرة الملاهي الليلية و بيوت الدعارة، و غيرها من مراكز الفساد المرخصة و غير المرخصة، أدت إلى إجهلض الأجنة الناتجة عن علاقات غير شرعية، و الخاسر الأكبر هي المرأة و التي غالبا ما يجري عملية الإجهاض أشخاص يفتقرون إلى الخبرة و الكفاءة و الإمكانات الطبية اللازمة، مما يجعل من هاته الجريمة تقام في الخفاء.
   لقد حرمت الشريعة الإسلامية جريمة الإجهاض منذ تلقيح البويضة، استنادا إلى فتاوى بعض الفقهاء المسلمين، كما أن المشرع المغربي جرم هاته الجريمة مهما كان الفاعل و بأية وسيلة كانت إذ لا يحمي حقا واحدا و إنما يحمي حقوقا متعددة، فيحمي حق الجنين في الحياة و النمو الطبيعي داخل الرحم، و يحمي حق المرأة في استمرار حملها و المحافظة على صحتها الإنجابية، كما أنه يحمي حق المجتمع في التطور و الازدهار و النمو، و أقر لها عقوبات إلا في بعض الحالات.



- سورة النساء، الاية 93. [1]
  2- ظهير شريف رقم 1.59.413 صادر في جمادى الثانية 1382 (26 نونبر 1962) بالمصادقة على مجموعة القانون الجنائي، الجريدة الرسمية عدد 2640 مكرر الصادر بتاريخ 05/06/1963.
 أحمد ابن فارس ابن زكريا بن محمد القزويني، أبو الحسن الرازي، المالكي، اللغوي، المحدث، صاحب كتاب "المجمل والمصنفات والرسائلّ .[3]
 مادة" الجهض" .228 معجم مقاييس اللغة ،ص [4]
 أبو زيد ألأنصاري:سعيد بن أوس بن  ثابت بن بشير ابن صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، البصري حجة العرب ،صاحب التصانيف.[5]
. مادة الجهض تاريخ العروس من جواهير القاموس للزبيدي، [6]
 لسان العرب لابن منظور، مادة الجهض.[7]
 معجم الوسيط مادة الجهض. [8]
 لسان العرب لابن منظور والقاموس المحيط للفبروز أبادي ومعجم الوسيط الصادر عن محمع اللغة، مادة سقط في ؛ميع هذه المراحع.[9]
[10]بوزيان محمد-جريمة الاجهاض بين الشريعة الاسلامية والتشريع الجزائري-رسالة لنيل شهادة الماستر، جامعة د. مولاي الطاهر-سعيدة-كلية    الحقوق ،السنة الجامعية2015-2016 ،ص15.
 -أسامة رمضان الغمري ،الجرائم الجنسية و الحمل والإجهاض من الوجهة الطبية الشرعية ،دار الكتب القانونية،مصر،2005ص80.[11]
 محمد علي البار، خلق الإنسان بين الطب والقرآن ،دار السعودية للنشر والتوزيع،ص431.[12]
شحاتة عبد المطلب حسن أحمد الإجهاض بين الحظر والإباحة في الفقه الإسلامي ،دار الجامعة الجديدة،مصر،2006،ص12[13]
 بوزيان محمد، م .س ، ص16[14]
 إبراهيم ابن محمد قاسم ابن محمد رحيم، رسالة ماجستير مقدمة  إلى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الطبعة ألأولى 2002،ص87.[15]
شحاتة عبد المطلب حسن أحمد، ن. م، ص16. [16]
،تاريخ الدخول 13-11-2018على الساعة09:44. http://www.startimes.com مقال منشور بالموقع الالكتروني :[17]
إبراهيم ابن محمد قاسم ابن محمد رحيم، م. س،ص86. [18]
بوزيان محمد ،م.س, ص18 . [19]
المادة 51 من مدونة تنظيم الاسرة"...-4 التشاور في اتخاذ القرارات المتعلقة بتسيير شؤون الاسرة والاطفال وتنظيم النسل"[20]
 بوزيان محمد، م.س، ص19.[21]
 مصطفى عبد الفتاح لبنة، جريمة إجهاض الحوامل، دار اولي النهى للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، الطبعة الاولى،1996،ص54.[22]
 سورة النجم. الاية32 .[23]
 سورة غافر،الاية 67 .[24]
 شحاتة عبد المطلب حسن أحمد ،م.س ،ص14. [25]
 عبلة محمد الكحلاوي، البنوة و الابوة في ضوء القرآن الكريم والسنة ،دراسة فقهية مقارنة، دار المعرفة ، الطبعة الاولى، بيروت، 2005.[26]
 اسامة رمضان الغمري ،الجرائم الجنسية والحمل والإجهاض، دار الكتب القانونية ،مصر، المجلة الكبرى،ص_82.[27]
[28] باحمد بن احمد ارفيس ،مراحل الحمل والتصرفات الطبية في الجنين، بحث لنيل شهادة الماجستير في الفقه والاصول، كلية أصول الدين، قسم الشريعة ،جامعة الجزائر ، سنة1999 ,ص 169.  
 باحمد بن احمد ارفيس ،ن.م، ص171.[29]
 احمد حسني طه، شرح قانون العقوبات القسم الخاص "جرائم الاعتداء على الاشخاص" مطبعة النور،2006،209.[30]
 منصور عمر العايطة، المسؤولية المدنية والجنائية في الاخطاء الطبية، جامعة نايف للعلوم الامنية، الطبعة الاولى،2004،ص209.[31]
 السعيد كامل، الجرائم الواقعة على الانسان ،"شرح قانون العقوبات الاردني"، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، الاردن،  الطبعة الاولى،1999،ص26.[32]
[33] - يراجع في ذلك : عبد الله الطاهر، مدونة الأسرة في إطار المذهب المالكي وأدلته – دراسة تأصيلية مقارنة على ضوء المذاهب الأربعة مع مناقشة وترجيح دون تعصب لقول أو مذهب-، الكتاب الأول : الزواج ، الطبعة الثانية ، مطبعة النجاح الجديدة ، 2014، ص:239.
[34] - سانح بوثنين ، تقنين الاجهاض في ضوء الفقه الاسلامي والواقع المعاصر ، مجلة الفقه والقانون ، العدد الثاني والثلاثون ، يونيو 2013، ص:107 و ما بعدها.
[35] - إبراهيم المبارك، حماية الجنين في الشريعة والقانون - دراسة مقارنة - ، (دون ذكر الطبعة والمطبعة )، 2009،ص:186.
[36] - عبد الله الطاهر ، مرجع سابق ، ص:240.
[37] - عبد الله الطاهر ، مرجع سابق ، ص:240.
[38] - إبراهيم المبارك ، مرجع سابق ، ص:187.
[39] -إبراهيم المبارك ، مرجع سابق ، ص:187.
[40] - سانح بوثنين، مرجع سابق ، ص:107.
[41] - يراجع في ذلك : سانح بوثنين ، مرجع سابق ، نفس الصفحة .
- سورة الإسراء ، الآية 33.[42]
[43] - مصطفى ابراهيم و رفاقه، المعجم الوسيط ، الجزء الثاني، دار الدعوة، اسطنبول، تركيا، بدون ذكر الطبعة، ص 648.
[44] - مأمون الرفاعي، جريمة الإجهاض في التشريع الجنائي الإسلامي: أركانها و عقوباتها ( دراسة فقهية مقارنة)، مجلة جامعة النجاح للأبحاث   ( العلوم الانسانية) مجلد 25، 2011، ص1413.
[45] - محمد بن يحيى بن الحسن النجيمي، الإجهاض أحكامه و حدوده في الشريعة الإسلامية و القانون الوضعي (دراسة مقارنة )، مكتبة العبيكان، الرياض، السعودية، الطبعة الأولى، 2011، ص 184.
[46] - وزيان محمد، جريمة الإجهاض بين الشريعة الإسلامية و التشريع الجزائري، مذكرة لنيل شهادة الماستر تخصص علم الإجرام، كلية الحقوق و العلوم السياسية قسم الحقوق، جامعة مولاي الطاهر، سعيدة، الجزائر، السنة الجامعية 2015-2016، ص59.
[47] - محمد بن يحيى بن الحسن النجيمي، مرجع سابق، ص191.
- محمد بن يحيى بن الحسن النجيمي، مرجع سابق، ص 189. [48]
[49] -عبد القادر عوره، التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي، الجزء الأول، دارا لكاتب العربي، بيروت، ( بدون ذكر الطبعة) ص673.
[50] - الاية 92 من سورة انساء.
[51] - مأمون الرفاعي، مرجع سابق، ص 1421.
[52] - مأمون الرفاعي، مرجع سابق، ص1420.
[53] - عبد الواحد العلمي،" شرح القانون الجنائي المغربي- القسم الخاص"، الطبعة السابعة، 2016. ص 297.
[54] - نور الدين العمراني، شرح القسم الخاص من القانون الجنائي المغربي، (غياب المطبعة)، طبعة 2010-2011، ص 92.
[55] -  محمد الغالمي: " الإجهاض بين النظر الفقهي و التأطير التشريعي" مقال منشور بالموقع الإلكتروني:www.droitdentreprise.com  ، تاريخ الإطلاع 05/11/2018، على الساعة 22:30.

[56] -الحسين بلوش، المختصر في شرح القانون الجنائي الخاص المغربي، ( غياب المطبعة)، 2015، ص 92. 
[57] -أحمد قيلش و أخرون، الوجيز في شرح القانون الجنائي الخاص ، الطبعة الثانية، مطبعة الامنية – الرباط، سنة 2017، ص 105.
[58] - عبد الواحد العلمي، م س، الصفحة 299.
[59] - نور الدين العمراني، م س ، الصفحة 211.
[60] - الحسين بلوش، م س، ص 93.
[61] -  نور الدين العمراني، م س، ص 210.
[62] - عبد الواحد العلمي، م س، ص 297.
[63] - يراجع في هذا الشأن مقتضيات الفصل 26 من القانون الجنائي المغربي.

[64] - تنص مقتضيات هذا الفصل على أنه:" يعتبر مشاركا في الجناية أو الجنحة من لم يساهم مباشرة في تنفيذها و لكنه أتى أحد الأفعال الآتية:
- أمر بارتكاب الفعل أو حرض على ارتكابه، و ذلك بهبة أو وعد أو تهديد أو إساءة استغلال سلطة أو ولاية أو تحايل أو تدليس إجرامي،
- قدم أسلحة أو أدوات أو أية وسيلة أخرى استعملت في ارتكاب الفعل، مع علمه بأنها ستستعمل لذلك،
- ساعد أو أعان الفاعل أو الفاعلين للجريمة في الأعمال التحضيرية أو الأعمال المسهلة لارتكابها، مع علمه بذلك،
- تعود على تقديم مسكن أو ملجأ أو مكان للاجتماع، لواحد أو أكثر من الأشرار الذين يمارسون اللصوصية أو العنف ضد أمن الدولة أو الأمن العام أو ضد الأشخاص أو الأموال مع علمهم بسلوكهم الإجرامي...."                                                                                                     
[65] - سعاد حميدي: الوجيز في شرح القانون الجنائي الخاص، مطبعة سليكين أخوين، الطبعة الثانية 2015، ص 131.
[66] - عبد الواحد العلمي، م س ،ص 300.
[67] - محمد الغالمي: " الإجهاض بين النظر الفقهي و التأطير التشريعي" مقال منشور بالموقع الإلكتروني:www.droitentreprise.com ، تاريخ الإطلاع 05/11/2018 على الساعة 22:30.
[68] - عبد الواحد العلمي، م س ،ص 300.
[69] - سورة التكوير، الآية 8_9 .
[70] - أحمد أجويد، شرح القانون الجنائي الخاص المغربي، الجزء الثاني،بدون طبعة، بدون مطبعة، كلية الحقوق بفاس،السنة الجامعية 2004-2005، ص 55 .
[71] - أحمد الخمليشي، القانون الجنائي الخاص، الجزء الثاني، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، الرباط، ص 171 .
[72] - احمد قيلش، و اخرون ، مرجع سابق، ص 102 .
[73] - سورة الأنعام، الآية 140 .
[74] - محمد علي البار، مشكلة الإجهاض دراسة طبية فقهية، الطبعة الأولى، الدار السعودية للنشر والتوزيع، جامعة الملك عبد العزيز، السنة 1985، ص 27 .
[75] - محمد علي البار، مرجع سابق، 27.
[76] - محمد سعيد رمضان البوطي، مسألة تحديد النسل وقاية وعلاجا، مكتبة الفرابي، ص 13 .
[77] - إبراهيم بن محمد قاسم بن محمد رحيم، أحكام الإجهاض في الفقه الإسلامي، الطبعة الأولى، رسالة ماجستر، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، منشورة بمجلة الحكمة، ص 108.
[78] - لطفي الحضري، الإجهاض بين الحق في التصرف في الجسد والحق في الحياة، مقال منشور بموقع www.alislah.com، تاريخ الإطلاع 9/10/2018 على الساعة 23: 15 .
[79] - لحسن الجيت، المرأة والحق في الإجهاض، مقال منشور في موقع هسبريس www. Hespress.com ، تاريخ الإطلاع 10/10/2018 على الساعة 17:00 .
[80] - ينص الفصل 453 على انه ّ لا عقاب على الإجهاض إذا استوجبته ضرورة المحافظة على صحة الأم متى قام به علانية طبيب أو جراح بإذن من الزوج.
ولا يطالب بهذا الإذن إذا ارتأى الطبيب أن حياة الأم في خطر غير أنه يجب عليه أن يشعر بذلك الطبيب الرئيسي للعمالة أو الإقليم.
وعند عدم وجود الزوج أو إذا امتنع الزوج من إعطاء موافقته أو عاقه عن ذلك عائق فإنه لا يسوغ للطبيب أو الجراح أن يقوم بالعملية الجراحية أو يستعمل علاجا يمكن أن يترتب عنه الإجهاض إلا بعد شهادة مكتوبة من الطبيب الرئيس للعمالة أو الإقليم يصرح فيها بأن صحة الأم لا تمكن المحافظة عليها إلا باستعمال مثل هذا العلاج ".
[81] - رشيد الجرموني، الجدل حول الإجهاض في المجتمع المغربي، مقال منشور في الموقع www.Hespress.com، تاريخ الإطلاع 09/10/2018 على الساعة 00:17 .
[82] - سعد الدين العثماني، الإجهاض واستعجالية تعديل القانون الجنائي المغربي، مقال منشور بموقع حزب العدالة والتنمية www.PJD.com ، تاريخ الإطلاع 10/10/2018 على الساعة 14:35 .
[83] - ينص الفصل 135 من قانون العقوبات السوداني على " يعد مرتكباً جريمة الإجهاض من يتسبب قصداً في إسقاط جنين لامرأة ، إلا إذا حدث الإسقاط في أي من الحالات الآتية ، إذا:
 -كان الإسقاط ضرورياً للحفاظ على حياة الأم ،
 -كان الحبل نتيجة لجريمة اغتصاب ولم يبلغ تسعين يوماً ورغبت المرأة في الإسقاط ،
 -ثبت أن الجنين كان ميتاً في بطن أمه".
[84] - ينص قالفصل 545 من قانون العقوبات اللبناني على " تستفيد من عذر مخفف المرأة التي تطرح نفسها محافظة على شرفها وكذلك يستفيد من
العذر نفسه من ارتكب إحدى الجرائم المنصوص عليها في المادتين ا ل 542 و 543 للمحافظة على شرف أحد فروعه أو قريباته حتى الدرجة الثانية".
[85] - ينص الفصل 531 من قانون العقوبات السوري على " تستفيد من عذر مخفف المرأة التي تجهض نفسها محافظة على شرفها. ويستفيد كذلك من العذر نفسه من ارتكب إحدى الجرائم المنصوص عليها في المادتين ٥٢٨ و ٥٢٩ للمحافظة على شرف إحدى فروعه أو قريباته حتى الدرجة الثانية".


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عرض حول طرق الطعن في المادة الجنائية PDF

دورة مجانية بالكامل للتحضير لاختبار ال أيلتس IELTS لتعلم اللغة الإنجليزية على منصة EDX

دورات تكوينية مجانية لتعلم اللغة الإنجليزية من جامعات عالمية في بريطانيا مرفقة بشهادة معتمدة مجانية